كتب عدلي صادق: في يوم الخميس 15 إبريل دعا عباس الى اجتماع ما يسمى “القيادة الفلسطينية” وكالعادة وُصف الاجتماع قبل أن ينعقد بأنه حاسم. وفي صباح الخميس 17 إبريل ألغي الاجتماع دون إيضاح الأسباب حسب كلام واصل أبو يوسف، وبسبب انشغال فخامته بالتزامات أخرى، حسب مصدر من “المقاطعة”. ولم يعد أحد الى سيرة أي اجتماع بعدئذٍ!
هذه الجثة المسماة “القيادة الفلسطينية” ليس لديها ما تقوله للشعب الفلسطيني، وأبلغ ما لديها من كلام هو الصمت عجزاً، والحفاظ على حال الفراغ مستفيدة من فقدان الآخرين الحد الأدنى من القدرة على التأثير في الناس، سواء كانوا من أصحاب التصريحات النمطية التي سئمها الشعب الفلسطيني، أو من أصحاب التجريب المستحدث في الخطابة، على طريقة “السيد حسن”.
أسوأ ما تفعله الديكتاتوريات بمجتمعاتها، لا سيما تلك التي تسعى الى الشيئين معاً: رغد الحياة الخاصة، المتوازية مع شقاء الناس، وصيت المجاهدة والتفاني والمناقبية العالية المؤدية للنصر الوشيك؛ هو الحيلولة دون نشوء شرائح سياسية مقتدرة في مجتمعاتها وفي هوامش سلطاتها. ذلك علماً بأن المستعمرين أنفسهم كانوا يتيحون للنُخب من شعوب مستعمراتهم، تنمية طبقات سياسية مدربة، وذلك تحاشياً لأن ينفجر المجتمع بعد مغادرة المستعمر ولا يكون له نِصاب أو مُناخ يساعد جمع اشتات الناس لصالح كيان وطني مؤهل للانخراط في بوتقة العلاقات الدولية.
ولأن الديكتاتوريات غبية، فهي تتوهم أن من صالحها استمرار البغضاء بين الناس في المشهد العام، وبين الأطياف على الساحة، لذا لم ولا ولن تفكر بالعمل على أي توافق على الحد الأدنى، لا بين العناوين الفصائلية ولا بين الأسماء ضمن الحاشية نفسها، ولا بين أي شيء وشيء!
في هذا البلاء، قيل أن “الجثة” سوف تتنفس ويصدر عنها قرارات حاسمة. كان الكلام في يوم خميس، وفي صباح الأحد، وهو يوم الموعد، أعلن الإلغاء معطوفاً على كل الإلغاءات السابقة، ولم يعد هناك شيء يستحق الاجتماع.
الأطرف أن متصلاً للتهنئة بالعيد، وهو من مجالسي عباس، قال لي أنه اكتشف للمرة الأولى، عنصر التسلية في الدراما الرمضانية، لأنه كان مجبراً على مشاهدتها أثناء التركيز الشديد من السيد الرئيس عليها في الشهر الفضيل، وعزوفه تماماً عن نشرات الأخبار.
بالمناسبة، المتصلون بي من رام الله هذه السنة، على ضآلتهم، من بين ممتشقي المسميات الدسمة ـ مع الشكر لهم ـ كانوا أكثر عدداً من السنة الماضية. ففي 2021 كانوا ثلاثة، وهذه السنة أصبحوا خمسة، وربما يكون السبب هو ـ حسب وصف أحدهم ـ الفلتان وضعف السيطرة ونفاد كاز “الرجل العجوز”.