كتب عدلي صادق: الاعتداء الذي تعرضت له دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، في أبو ظبي تحديداً؛ آثم ومدان، ويبرهن مرة أخرى، على الدور الذي يلعبه الحوثيون في المنطقة، منذ انقلابهم في يناير 2015 على النظام السياسي اليمن، ووضع يدهم على العاصمة صنعاء، واحتجازهم رئيس الجمهورية والوزراء ومحاولة زحفهم الى الجنوب، للاستحواذ على اليمن كله، مُظللين بشعارات الموت لأمريكا وإسرائيل.
منهجية العربدة، التي انتهجها الحوثيون في داخل اليمن، ثم أرادوا تعميمها انطلقت أصلاً من فرضيات مذهبية، لم تلق تأييد طائفتهم الزيدية، فأسسوا لأنفسهم طائفة، جرياً على عادة المنشقين عن الأغلبية المسلمة في العصور الغابرة، وحملت الطائفة اسم مؤسسها بدر الدين الحوثي. وكان طبيعياً أن تحاول دول الجوار العربي، إنقاذ اليمن الشقيق، من فئة اصطنعت لنفسها حزباً باسم “أنصار الله” لكي تفرض نفسها على الغالبية العظمى من السكان، بالتزامن مع مفاعيل الخطة الإيرانية للتوغل في المشرق العربي.
فمن ذا الذي يمكن أن يتقبل هيمنة فئة، ظهر زعيمها السابق حسين بدر الدين الحوثي، بالصوت والصورة، لكي يتحدث عن أكثر خزعبلاته سفاهة ويزعم “أن كل بلية أصيبت بها هذه الأمة، وكل انحطاط وصلت إليه هذه الأمة، وكل كارثة مرت بهذه الأمة، بما فيها كربلاء، كان المسؤول الأول عنها عمر بن الخطاب”!
مثل هذا المنطق الظلامي، لا علاقة له بالسياسة ولا بمنطق التاريخ، ولا بحقائق الحوادث، ولا بطبائع الدول. بالتالي فإن كل سلوك يصدر عنها ينم عن قرصنة، ويعاند السياسة ومنطق الوئام الاجتماعي في بلد تعيش فيه أغلبية إسلامية سُنية. ولتمرير فكرة السيطرة، تُطرح بضاعة بلا معنى، كأن يقول الموت لأمريكا، دون أن نعرف كيف لأمريكا أن تموت، وعلى يد من؟
حتى الذين يقولون إن التصدي لهؤلاء، يجري في سياق حرب عبثية، ويتمثلون حال التأسي على شعب اليمن، يتجاهلون أن المأساة الحقيقية لشعب اليمن، تكمن في سيطرة حزب من طائفة، على شعب أكبر طائفتها، وبأيدي جماعة لا تشكل هي ومواليها أكثر من 2% من هذا الشعب!
وقف الحرب في اليمن، لا يتحقق، بغير عودة هذا الحزب الحوثي، الذي قتل الرئيس اليمني الزيدي علي عبد الله صالح، وهو بين ظهرانيه؛ عن مسعى الاستحواذ على البلاد والعباد. فمثل هذه السلطة التي يسعى اليه الحوثي، مذهبية ودينية مسكونة بالبغضاء الطائفية، ولا تأخذ بأسباب قيام الدول والكيانات.
أية سياسة مهما كانت، لا تبرر الهجوم على أهداف في الجوار، فما بالنا عندما تكون الهجمات بمنطق أنني سأقصف حتى تتركوني ابتلع بلداً، لست سوى جزء ضئيل من أقلية فيه.
بشكل أكثر عمومية، وبلغة المصالح، نحن مع استقرار الأقطار العربية، حتى إن لم نرض عن كل سياسات بعضها. فالفقيه المتمرد ابن تيمية نفسه، وضع قاعدة القياس: من يدرأ مفسدة، بطريقة تجلب ضرراً أفدح منها، يكون درؤها حرام”!
على النحو التفصيلي، أصبح وقف العربدة الحوثية، التي احتقرت الإرادة الشعبية ومنطق الدولة السيدة الحامية لكل مواطنيها، شكلاً من أشكال الدفاع عن الدين نفسه. بل إن وقف العربدة، بالنسبة لغالبية شعب اليمن، ضمانة اليمنيين جميعاً، لمنع الحوثيين من السيطرة، ندراءً للفتن التي تستمد مفرداتها من قراءة رديئة، لأحداث القرن الأول الهجري.
مفردات الموت لأمريكا وإسرائيل، لا علاقة لها بالحرب ولا بالسياسة، في محض ديماغوجيا، منعزلة عن الواقع. ثم إن أرامكو والدمام وأبو ظبي وجدة، ليست إسرائيل، بل هي مواضع يعمل فيها ملايين العرب والمسلمين ويسترزقون، ومن الكبائر المس باستقرارها لأجل عيون الحوثي. فهذا إن حصل على ما يريد، لن تزعجه أية سياسات خارج اليمن.
الحوثيون بدأوا عدوانهم في اليمن لأهداف لا علاقة لها بمناكفة أمريكا وإسرائيل وإنما لمناكفة الفاروق عمر أمير المؤمنين، الذي حمل رسالة الإسلام ونشرها في الأمصار. فهو ليس رئيس الكونغرس ولا الكنيست. فلا مستقبل لرسالة التجديف على الله وعلى الحقيقة وعلى شعب اليمن. ولا سلام في اليمن، بغير استعادة الدولة الحامية لمصالح كل مواطنيها. أما القرصنة فلها الإدانة وعليها الانكشاف!