آخر الاخبار

الله لا تطيلها من شدة

كتب: عدلي صادق

وفد رئيس السلطة الى المونديال، يختصر المشهد. وحسب ما نعرفه عن ذهنيته، هو يعتبر أي عوار، محض مسألة وقت، تمر ويكون هو قد حظي ببهجته العائلية، كأنه ذاهب الى فرح، بالتزامن مع أحزان ذوي الشهداء، والناس نسيان، ثم إن العوار التالي يطمس العوار السابق!

لكن الصورة التي تشرح الحال، تقول أولاً أن الرجل الذي يفرض نفسه صاحب المسؤولية الأولى عن فلسطين الرسمية، بقوة أمن أوسلو المدرب هنا وهناك، لا يكترث لفلسطين الشعبية ولا حتى لفلسطين الرسمية نفسها. وقد اتضح ـ بالطبع ـ أن الأمن الذي يحميه، ليس منذوراً لأوسلو عندما بدأت، وإنما هو منذور ـ منذ البداية ـ أوسلو التي ستفشل ثم يغادرها الطرف الأقوى، على أن يبقى الطرف الضعيف، في قلب ذكراها، ويتمتع بفتات سلطة بلا سلطة، يحرس نفسه، ويقف حاجزاً بين الشعب والاحتلال، لكي يؤكد على تلك المعادلة الأولى، ويصبح هو “الشرعية” و”النظام” والمقاومون إرهابيين.

على الرغم من خطورة الدور، لم يرَ الممسك بالسلطة أي سبب لإشراك من يساندونه في الفتات، فكان وما زيال يقول:”اللهم نفسي”، ويَمن على الآخرين بوظائفهم وسلامتهم. فذات يوم رد على مطالبات بشيء من الإصلاح، في المجلس الثوري لحركة فتح، بتعيير المجلس قائلاً للجميع:”لولا الأمن لما استطعتم أن تجتمعوا آمنين على سلامتكم” بمعنى أن لا يطلبوا شيئاً، وإنما أن يذكروا الفضل لأهل الفضل!

عندما أبرمت أوسلو، قال الشاعر محمود درويش، أن هذا الاتفاق، يأخذنا الى مستقبلٍ بغير ماضٍ، ولا ندري أي مستقبل سيكون.

يفترض في رجل الدولة، أي دولة، وحتى هذه التي يزعمها محمود عباس؛ عندما يسافر لحضور فعالية دولية كبيرة، يتحسس ما تراكم في تاريخ بلاده. فإن كانت الفعالية اجتماعية، يصطحب بعض رموز العمل الاجتماعي على مر تاريخ شعبه، وما أكثر الناشطين الاجتماعيين وامتداداتهم في تاريخ فلسطين. وإن كانت إعلامية يأخذ مثلهم على مستوى الإعلام، وإن كانت رياضية، يصطحب ثلة من الرياضيين القدامى الأحياء ومن رُعاىة الحركة الرياضية، وإن كانت سياسية حاشدة، يأخذ الشخصيات التي ترمز الى تاريخ منظمة التحرير الفلسطينية، التي يعيب على حماس مجافاتها بشكلها الحالي.

تماشى الرجل، مع رغبة الجزائر في التوصل الى مصالحة، وكان التماشي بسبب أن الجزائر دولة مانحة مالياً ولا تسأل كيف تُصرف الدراهم. كان بمقدوره أن يضم اثنين ـ بدل حفيدتين ـ من الطرف الآخر من الخصومة، وستكون له أسبابه الوجيهة: إضفاء صدقية على كذبة المصالحة، وبحكم أن الأولوميباد سيكون في قطر، وهي صديقة للطرف الآخر وستدعو ممثليه للحضور وسيكون حضورهم ضمن وفده، أكثر وجاهة من حضورهم رُغماً عنه، لكن الرجل في لحظة شهوانيته لا يفكر، ولا حتى يعرف كيف يحرص على نفسه وسمعته. ثم إن الحفيدتين من سكان قطر أصلاً، وبإمكانهما الحضور.

هذا الرجل لا يستحي، ولا يعرف ألف باء العمل العام وشروطه، وكلما حاول أن يتظاهر بأنه يعرف، تسمعه يكذب. وفي هذه التبعيرة الأوليمبية، لم يتردد في تطيير انطباع بأن من يشغلون الوظائف المفخمة في هيكليته المجوفة، ليسوا سوى أصفاراً، وبالحد الأدنى من القدرة على التفكير، تراه يعرف أنهم لعنوا سنسفيل أولاده وأحفاده وأجداده، قائلين بينهم بين أنفسهم:”اللهم لا تطيلها شدة”!

أخبار ذات صلة