أبو ظبي: أكد غسان جاد الله، القيادي في تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، خلال لقاء خاص له على قناة الكوفية، على أن قطاع غزة يحتاج إلى الكثير من الأمور، وأهمها أن يتكاتف جميع أبناءها، وأن غزة تغيرت خلال هذ الفترة وبإمكاننا متحدين أن نصنع الكثير بالمستقبل.
وأوضح جاد الله، أن ما يشغل باله هو مستقبل الشعب الفلسطيني، وأن يرى مستقبل قطاع غزة، وقد ترسخت القناعات بأن يكون كافة الفلسطينيين متحدين وأن يتم النظر إلى المستقبل معاً وأن لا ندع الماضي يشدنا إلى الخلف لأننا لا نريد العودة إلى الماضي من جديد.
وحول أحداث الانقسام قال “إن ما حدث قبل 14 عام، خطأ يتحمل مسؤوليته الجميع وجريمة ارتكبت من الجميع بحق شعبنا وقضيتنا، وللأسف منذ أكثر من 14 عام ما زلنا نراوح نفس المكان الذي حدثت فيه هذه الجريمة، وهذه الجريمة ارتكبناها جميعا بحق أنفسنا وشعبنا وقضيتنا ومستقبلنا، وأقصد بجميعنا هنا كل فصائل العمل الوطني التي شاركت فيما أصاب قضيتنا الوطنية من انحدار”.
وأضاف “نحن لسنا في وضع سليم، نحن بحاجة لأن نُرمم ذلك بالعمل المشترك وأن ينفتح الجميع على الجميع وأن يصل الجميع لقناعات ثابتة بأن أي منا لوحده لن يستطيع أن يحقق لشعبنا طموحاته الوطنية أو كرامته اليومية والكثير من الأشياء لا نستطيع تحقيقها فراداً ولكن مجتمعين”.
وتابع “يجب أن نعرف أننا أخطأنا ونقيم أخطاؤنا وننطلق معاً نحو المستقبل؛ وبإمكاننا أن نعيد لقضيتنا مكانتها وأن نصحح مسارنا الوطني ونكمل معا نحو تحقيق أهدافنا، وأول ما علينا فعله أن ننفتح على بعضنا البعض ونتحاور ونتناقش وأن نفهم بعضنا البعض”.
وأردف “إن مسافة الخلاف بيننا كفلسطينيين تكاد تكون معدومة، وخلافاتنا تافهة، وفلسطين والقدس تجمعنا، ولكن نحن مختلفين على آليات وليس على أهداف، وكنا جزء من هذا الخلاف، وكنا ولا زلنا جزء من حركة فتح، والحركة دخلت هذا الخلاف الوطني، وقد قمنا بإعادة دراسة لما مررنا به، ونعرف أين أخطأنا وأين أصبنا، وننطلق للمستقبل من إصلاح أخطائنا، ولأننا نحن شعب واحد ولا يجوز أن نبقى منقسمين”.
وعن الخلاف مع الرئيس عباس قال “خلافنا مع الرئيس عباس وقيادة حركة فتح طيلة الأعوام السابقة كان ناتج عن نهج التفرد والإقصاء، وحركة فتح التي كانت واحة لجميع الآراء والأفكار أصبحت حركة شخص واحد والرئيس لوحده يقرر فيما يشاء دون الرجوع إلى المؤسسات، اليوم لا يوجد مؤسسات، لا لجنة مركزية تقوم بدورها ولا مجلس ثوري يقوم بدوره، وكذلك المؤسسات التنظيمية لا تقوم بدورها”.
وأضاف “وخلافنا من اللحظة الأولى كان الافتراء على الزميل والقائد والأخ محمد دحلان من قبل الرئيس عباس الذي كان شريكه في الكثير من المحطات الوطنية التي سبقت هذا الخلاف، وبغير القانون فوقفنا مع روح القانون ومع النظام”.
وكشف جاد الله “إن كل الاتهامات التي اتهم بها الأخ أبو فادي كانت باطلة ونحن نعلم وكنا مقربين من دوائر صنع القرار، ونيقن أن الخلاف لم يكن مع شخصية الأخ أبو فادي كشخص، ولكن كان يستهدف قطاع غزة، والدليل أنه لو كان هذا الخلاف مع الأخ ابو فادي وحده لانتهى منذ زمن، ولكن الخلاف عنوانه محمد دحلان والمستهدف منه قطاع غزة، واستمرت الخطوات العقابية ضد أبناء غزة، سواء من يؤيد أو يخالف أبو مازن”.
وأكمل “لم تقتصر العقوبات على الأخ أبو فادي أو المقربين منه، ولكن امتدت العقوبات لتطال أهالي الأسرى وأهالي الشهداء والجرحى والموظفين وموظفي 2005، وهذا يدلل على أن المشكلة مع أبناء غزة وليست مع النائب محمد دحلان، ولو كانت المشكلة معه كشخص لانتهت المشكلة بمزيد من الاهتمام بغزة ومكوناتها، ولقد وقفنا مع محمد دحلان والكثير حوله من أبناء غزة والضفة الغربية لنواجه هذا التفرد وهذا الإقصاء، والجميع وصل إلى هذه النتيجة أن المشكلة ليست مع أبو فادي أو تيار الإصلاح الديمقراطي، ولكن مع كل مكونات فتح في غزة ومع كل مكونات شعبنا في غزة”.
وحول المساواة بين المحافظات الشمالية والجنوبية قال “السلطة لا تمن على قطاع غزة بدفع الرواتب، السلطة تجني ضرائب من غزة وتتلقى مساعدات من المجتمع الدولي والعربي، وهذه المساعدات ليست موجهة لفئة دون الأخرى في الشعب الفلسطيني، وما تقوم به السلطة تجاه مكونات غزة أو التعليم أو الصحة واجب عليها ويجب أن تقوم به بالتساوي ما بين الضفة وغزة وإلا فلتتحول هذه السلطة لسلطة الضفة العربية، ويجب أن تعامل أهل غزة وموظفي غزة والشعب في غزة كفلسطينيين من الدرجة الأولى بالتساوي مع المحافظات الشمالية، ويجب أن تتحمل السلطة واجباتها تجاه غزة”.
وبخصوص وحدة حركة فتح، قال “أبقينا باب وحدة حركة فتح مفتوحا، وقدمنا في سبيل وحدتها الكثير من التنازلات والمرونة السياسية طيلة السنوات الماضية ولم نغلق الباب أمام أحد في موضوع إعادة وحدة حركة وإعادة شملها، ولكن هناك عناد وغرور وتقلق من الواقع، إن الغرور أعمى بصيرة قيادة السلطة برام الله وهي لا ترى التفاف الجماهير حول تيار الإصلاح الديمقراطي في غزة والضفة، لأن هذا الجمهور الفتحاوي وصل إلى مراحل كبيرة من عدم الرضى على أداء وسلوك القيادة المتمثلة بالرئيس عباس ومن معه، وقد وصلنا لقناعة بأن الأشخاص المتحكمين بحركة فتح لا يستوعبون أن حركة فتح تمر بمشكلة وهي بحاجة لحل، ويجب أن يتلقوا صدمة توقظهم من الغرور الذي أصابهم بأن هناك قواعد كبيرة بحركة فتح غير راضية عن أدائهم وسلوكهم ونهج التفرد والإقصاء الذي يمارسونه”.
وقال القيادي بالتيار “هؤلاء سيصلون لقناعات بعد الانتخابات بأن هناك مشكلة تحتاج منهم لأن يعالجوها بإشراك كل أبناء فتح المختلفين وهم كثر، ولم تعد المشكلة تقتصر علينا أو على الأخ محمد دحلان، بالأمس كان هناك مشكلة متمثلة في فصل عضو اللجنة المركزية الأخ ناصر القدوة وكادوا أن يقوموا بفصل الأخ الأسير مروان البرغوثي، لأن المشكلة في فتح ليست معنا، بل مع كل حركة فتح وكوادرها، وهناك حالة من عدم الرضى على سلوك هذه القيادة”.
وعلق جاد الله على قرارات اللجنة المركزية بقوله “الرئيس محمود عباس أغلق الباب أمام وحدة حركة فتح ولا يوجد من سواه يقرر في حركة فتح، الكثيرين من أعضاء اللجنة المركزية لا حول لهم ولا قوة، ولكن في داخلهم يعرفون أن الحركة بحاجة إلى لملمة جراحها، هؤلاء يحضرون الاجتماع ويخرجون منه لا يفقهون ما يحدث”، “وقرار اللجنة المركزية مختطف من قبل الرئيس محمود عباس وقليلين مِمّن هم حوله، اللجنة المركزية لا تقرر في كل شيء، وأحد الأعضاء من اللجنة المركزية “دون ذكر اسمه” عبّر بأنه يعرف عن قرارات اللجنة المركزية من الإعلام”.
وأضاف “اللجنة المركزية لم تكن تجتمع وإنما كان يجتمع أعضاء من اللجنة المركزية ويقرروا باسمها ويصدرون قرارات دون الرجوع إلى باقي الأعضاء، اللجنة المركزية مختطفة وقراراتها مختطفة، ونحن جاهزون لتوحيد هذه الحركة في أي وقت من الأوقات ولن نغلق الباب ما دمنا أحياء، لأن فتح بيتنا ونحن لن نغادره وسنبقى في هذا البيت ندعو لإصلاحه وترتيب أموره وتحديثه ليعبر عن كل الفتحاويين ولتسود روح المحبة والتشارك والعمل الجماعي.”
وعن العلاقة بين البرغوثي والقدوة قال “هناك نقاط التقاء كثيرة بيننا وبين الدكتور ناصر القدوة في آراءنا ورؤيتنا لهذه الحركة ورؤيتنا لكيفية إصلاحها وهناك نقاط التقاء كثيرة مع اخونا مروان البرغوثي والكثيرين من أعضاء اللجنة المركزية ولكن الدكتور ناصر وآخرين من داخل المؤسسات حاولوا التغيير ولكن لم يستطيعوا، وهناك اختلافات بسيطة أعتقد أنه مع الوقت وبعد الانتخابات يمكن حلها وأن نكون جميعا معا، يبدو أن الدكتور ناصر تحت ضغط التهديدات وقيود معينة في رام الله ولا يستطيع أن يتصرف بأريحية كما لو أنه خارج رام الله”.
وحول مرشحين الرئاسة المحتملين، قال جاد الله “بالتأكيد الرئيس عباس ليس المرشح الوحيد ولن نقبل كفتحاويين ولن يقبل شعبنا بأن يكون عباس الرئيس الوحيد، فهذا الشعب الذي خاض ثورة ولا يزال يخوض ثورة لينال حقوقه؛ لا بد أن يكون أكثر ديمقراطية وأكثر تعددية وأن يكون لديه عدة خيارات لاختيار الأفضل، ولا يجوز أن يبقى قدرنا هو الرئيس محمود عباس، ولا نقبل بأن يكون المرشح الوحيد، مع تقديرنا لكل ما فعله من خير، وتحفظنا على كل ما ارتكبه من مصائب وجرائم خلال السنوات الأخيرة”.
وكشف جاد الله “هناك عدة شخصيات يمكن أن تنافس على الترشح للرئاسة، الأخ أبو فادي يفكر بالأمر كمان أن مروان البرغوثي يفكر بخوض الانتخابات الرئاسية أيضاً، ونحن بالتأكيد سندعم الرئيس المناسب الذي نجد فيه القدرة على تحقيق طموحات وصمود شعبنا، بحمد الله التمثيل بالانتخابات القادمة نسبي كامل ونرى العديد من القوائم ويستطيع شعبنا والفتحاويون اختيار الأفضل، وعلى الفتحاويون أن لا يخافوا من تعدد القوائم وأن ينتخب كل منهم القائمة التي يرى فيها مصلحة شعبه، ما حدث في 2006 لن يحدث في 2021، ولن يضيع أي صوت وستحصل كل قائمة على ما تستحق من الأصوات وسيكون المجلس التشريعي فيه تمثيل للجميع ولن يستفرد أحد أو أي فصيل بالقرار”.
وأكمل “شعبنا في ظل الظروف الصعبة تغيرت أولوياته وتأخرت الأولويات الوطنية عن الأولويات الحياتية كثيرا، لأن هناك الكثير من أبنائنا في قطاع غزة لا يجدون قوت يومهم، وسنستخدم كل الوسائل لنكون إلى جانب شعبنا. ولم نكون من أصحاب الخيار الواحد، ونسعى لوحدة حركة فتح ولدينا العديد من الخيارات في حال أغلق الباب أمام وحدة الحركة”، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يعود القائد محمد دحلان إلى قطاع غزة قبل عقد الانتخابات.
وواصل جاد الله “نريد أن نكون داخل النظام السياسي حتى نستمر بخدمة شعبنا بشكل أكبر، وحتى نستطيع تحقيق رؤيتنا بالنهوض بواقعنا الوطني والفلسطيني، لذلك يجب أن نكون داخل المؤسسات الرسمية لننفذ ذلك، وإصلاح فتح يعتمد على إخواننا بقيادة الحركة وفتح تحتاج للكثير من التحديث بالسلوك والبرنامج والأشخاص لكي تعود كما كانت”.
بخصوص العلاقة مع حركة حماس، قال “انطلقنا بالعلاقة مع حماس الذين هم أبناء شعبنا بالدرجة الأولى وهم مكون رئيسي من مكونات شعبنا، من منطلق خدمة أبناء شعبنا ورفع الظلم عن أهلنا في غزة، وتطورت العلاقة للحديث عن المستقبل، ونحن منفتحين على كل أبناء شعبنا وكل مكوناته بدون استثناء، سواء على صعيد الفصائل أو المجموعات الشبابية لبناء صورة تليق بشعبنا ومستقبله، وهناك الكثير من المشاكل في غزة تحتاج لعلاج، ومشكلاتها التي تراكمت خلال 15 سنة ليست سهلة وتحتاج تكاتف من الجميع والتعاون مع كل مكونات شعبنا، وإن مشاكل غزة لا يتم حلها بالمساعدات والكوبونات، بل بالتنمية والمشاريع والتغيير في عقلية التعامل مع القطاع، وسنعمل مع الكل الوطني وسنتشارك في تحمل مسؤولية شعبنا وتحقيق تنمية مستدامة لغزة وخدمته بعيدا عن قاعدة المساعدات، فلدينا عقلية منفتحة وهدفنا الأساسي هو خدمة الناس، وهذه الخدمة ستعود على التيار وشعبنا بالخير”.
وبالنسبة للجهود التي يبذلها التيار في سبيل خدمة أبناء قطاع غزة، قال جاد الله “بعد نتائج الثانوية العامة تبنينا 200 طالب حصلوا على معدل 95% فما فوق، واخترناهم بغض النظر عن انتماءاتهم، ومن خلال جهد للنائب محمد دحلان وتواصله مع احدى المؤسسات في دولة الإمارات العربية، تم تبني دراستهم من رسوم جامعية إلى مصروفاتهم، وتوجهنا لدفع رسومهم من خلال الجهة المالية، ولكن جامعة الأزهر بغزة رفضت دفع رسومهم لأننا الجهة الوسيطة بين الجامعات والطلبة، ولكن الجامعات الأخرى بغزة قبلت وسجلت الطلبة للدراسة، والجامعات التي قبلت وبعد إتمام الجهة إجراءات الحوالة المالية، قامت سلطة النقد الفلسطينية بوقف الحوالة المالية وإرجاعها، وباقي الجامعات المحسوبة على السلطة لم تستقبل الحوالة، واضطررنا بعدها لأن نحول المبالغ عن طريق مكاتب صرافة لغزة حتى نتمكن من الدفع للجامعات لكل طالب، وهذه احدى العقبات التي تواجهنا ونحن خارج النظام السياسي في طريق خدمة أبناء شعبنا، وبالتالي تنفيذ المشاريع التنموية التي تتطلب مبالغ ضخمة لا نستطيع تحويلها عن طريق صرافين، لذلك وجدت الحاجة لأن نكون ضمن النظام السياسي لكي نستطيع في المستقبل أن نحضر لشعبنا المزيد من المشاريع التنموية”.
وختم بالقول “قناعتنا أنه يجب الانتقال من مربع التعامل مع شعبنا على انه حالة إنسانية إلى مربع التعامل مع شعبنا كحالة إنتاجية منافسة يجب أن تتوفر لديها البيئة لكي تستطيع إخراج أفضل ما لديها، وأي انتخابات ستحدث سنشارك فيها وسنكمل الطريق”.