كتب عزام شعت: لا غرابة من تسمية جلسة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية المقرّر عقدها في رام الله في 6/2/2022، بـ “جلسة ملء الشواغر”، ذلك أنَّ مُقدمات المشهد وخلفياته لا تتعدى عملية تعبئة وتعيين في شواغرٍ وظيفية لهيئة المجلس الوطني واللجنة التنفيذية من شخصيات تدور في فلك قيادة منظمة التحرير، ودائمًا في غياب الإرادة الشعبية والانتخابات العامة المؤجلة والمعطلة والمُلغاة بفعل فاعل، فيما قرارات المجلسين الوطني والمركزي، خاصة القرارات في عامي 2015 و2018، بشأن العلاقة مع “إسرائيل” كقوة محتلة مؤجلة ومُعطلة هي الأخرى بفعل فاعل معلوم له مصلحة في استمرار عملية التنسيق والتواصل معها دون كُلفة لاحتلالها ولسياسات الاستعمار الكولونيالي وأدواته ضد الشعب الفلسطيني ومقدراته.
تُسابق قيادة منظمة التحرير الزمن لاستيفاء النصاب السياسي وضمان شرعية عقد جلسة المجلس المركزي، وسط حالة من الجدل الداخلي على المستويات الحزبية، والمجتمعية والشعبية لم يسبق لها مثيل في تاريخ منظمة التحرير، وهي الحالة التي يعكسها الوضع الفلسطيني والوضعية والحال الذي وصل إليه النظام السياسي بصفةٍ خاصة، في ظلّ سياسات التفرد والهيمنة والإقصاء التي مارستها القيادة الفلسطينية وفي مقدمتها الرئيس محمود عبّاس لأكثر من خمسة عشر عامًا، وأنتجت معها تراجعًا في دور ومكانة القضية الفلسطينية ومؤسسات النظام السياسي كافة – في المنظمة والسلطة معًا.
الشاهد أنَّ قيادة منظمة التحرير وأصحاب الدعوة لم يستجيبوا لمطلب تأجيل انعقاد المجلس المركزي حتي وإنْ كان من بين المطالبين ذوات اعتبارية سياسية ووطنية، وأعضاء من المجلسين الوطني والمركزي وقيادات حزبية وفصائلية من داخل منظمة التحرير وخارجها، وهم لم يلتفتوا كثيرًا لتداعيات الانعقاد على الوضع الفلسطيني الداخلي وعلى مسألة المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية التي وصلت إلى محطة الجمهورية الجزائرية، ولا على مستقبل منظمة التحرير بما هي الإطار التوحيدي والبيت المعنوي الجامع لكل الفلسطينيين.. وهذا ما يؤكد حقيقة الأهداف من وراء جلسة المجلس المركزي، أو جلسة “ملء الشواغر” كما نُسميها.
التوجه الذي تتبناه قيادة منظمة التحرير راهنًا ويسيطر عليها في سعيها إلى حيازة النصاب السياسي، والقائل بأن “عملية الإصلاح والتوافق بشأن القضايا الوطنية يبدأ بالتفكير الجماعي تحت مظلة منظمة التحرير ومجلسها المركزي”، يجانبه الصواب وتنفيه الوقائع ومسلسل الانتكاسات في مسار ومسيرة المنظمة، وهو بالتالي لم يقنع أحدًا، بمن فيهم الفصائل الرافضة، والفصائل التي تضع شروطها من أجل المشاركة في “جلسة المركزي”؛ لأنها تُراقب الحال الذي وصلت إليها المنظمة ومجلسها الوطني الذي فوّض “المركزي” ببعض صلاحياته في غياب القوانين والمرجعيات، وغابت عنه الأطر التمثيلية الحزبية والمجتمعية والقطاعية والنقابية، لكن هذه الفصائل مجتمعة تتحمل المسؤولية عما آلت إليه أوضاع المنظمة، ولا يعفيها أحد من هذه المسؤولية ولا من ضعفها واستكانتها وتقاعسها عن حماية منظمة التحرير، بما يضمن إصلاحها وتفعيل أطرها واستعادة مكانتها وريادتها.
ما من شك أن حركة فتح “اللاموحدة” التي يُمثلها الرئيس محمود عباس ستكون أول المتضررين من جلسة “المركزي” المرتقبة بهذا المستوى، لمخالفتها الشروط العقلانية الموضوعية لانعقاد جلسة الجسم الوسيط في أطر المنظمة وهياكلها، ولسوف يتكشف الضرر والخيبة مع سعيها إلى تصعيد قياداتها في “الوطني” “والتنفيذية”، استكمالًا لـ “سياسة التوريث” التي بدأتها، وتغييبها لتفعيل قرارات: وقف العلاقة مع “إسرائيل”، وسحب الاعتراف بها، وتجاهلها عدم قبول “إسرائيل” بمبدأ حل الدولتين وعدم قبولها بدولة فلسطينية، كما بشرها “نيفتالي بينيت”.. لننتظر ونرى!