آخر الاخبار

راح ضحيتها ستة من خيرة أبناء الفتح: الذكرى التاسعة والعشرون لمجزرة مخيم جباليا

 يُصادف الثامن والعشرين من آذار من كل عام، ذكرى استشهاد قادة الجهاز السري لصقور الفتح، الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.

خيرة من قاد العمل العسكري خلال الانتفاضة الأولى، وقد أنهوا حياتهم المليئة بالعمل والكفاح في مجابهة ظلم الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، مسطرين بذلك أروع ملاحم العز والفخار، وهم الشهيد أحمد أبو بطيحان، الشهيد جمال عبد النبي، الشهيد ناهض عودة، الشهيد أنور المقوسي، الشهيد عبد الحكيم شمالي، والشهيد مجدي عبيد.

وكان الشهيد أحمد أبو بطيحان، من أبرز من عمل في قيادة الانتفاضة حيث خرج الفتى الذي نشأ وترعرع في مخيم جباليا ليصبح قائداً ميدانياً ذو حدسٍ وقدراتٍ قيادية مذهلة أهلته لأن يكون قائداً، وقد عمل خلال سنوات كفاحه في الانتفاضة الأولى على قيادة المجموعات المختلفة التابعة لحركة فتح، وكذلك تولّى مهمة التوجيه العام داخل السجون الإسرائيلية.

“الشايب”، هو الاسم الحركي للشهيد أبو بطيحان، والذي عُرِف أيضاً باسم “أبو سالم”، والذي اشتعل قلبه حباً للأرض وتراب الوطن الحبيب وأفنى سنوات عمره في سبيله.

أما عن صاحب الرد المباشر، وهو الشهيد جمال عبد النبي، فقد التحق في صفوف حركة فتح من نعومة أظفاره، حيث تولّى آنذاك، مهمة نقل السلاح والذخيرة للمقاتلين داخل أرض فلسطين التاريخية.

واعتقلت قوات الاحتلال جميع أشقاءه، وتعرضوا لتعذيب شديد للضغط على جمال لتسليم نفسه، إلا أن ذلك لم يُثنه عن مواصلة درب النضال، حيث استمر في تأدية مهامه ضمن إطار حركة فتح إلى أن تمكنت قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتقاله.

وبعدما أفرجت، سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عن الشهيد عبد النبي في الحادي عشر من يناير 1991م، استأنف بطلنا عمله النضالي، حيث شغل موقع عضو اللجنة المركزية لقطاع غزة، ومسؤولاً تنظيمياً عن حركة فتح في شرقها وغربها، وقام بتشكل اللجان الشعبية والخلايا المقاومة وعمل خلالها كإداري في جامعة الأزهر بغزة.

ومن الجدير بالذكر أن عبد النبي، ساهم بإسناد ودعم المطاردين من أبناء حركة فتح وفصائل المقاومة الأخرى، من خلال مجموعة الرد المباشر التي شكّلها من أجل تلك المهمة.

أصيب الشهيد عبد النبي بجراح خطيرة، جراء تلقيه إصابة في العنق خلال اشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في التاسع من ديسمبر 1993م، ثم جرى اعتقاله ليتعرض في غياهب سجون الاحتلال لأشد أنواع التعذيب طيلة 45 يوماً، وحتى تم إطلاق سراحه نظراً لخطورة وضعه الصحي.

وفي سيرة الأسير المثقف، الشهيد أشرف المقوسي من مدينة رفح جنوبي قطع غزة، فقد التحق في صفوف حركة فتح فتيّاً في الثامنة عشر من عمره، وكان له دوراً مميزاً خلال الانتفاضة الأولى.

اعتقلته قوات الاحتلال، في منتصف مارس 1988م، خلال حملة مداهمات في مخيم جباليا، رفقة عدد من أبناء حركة فتح، وأصدر الحاكم العسكري حينها أمراً باعتقاله إدارياً لمدة ستة أشهر.

حمل على عاتقه مهمة تأطير رفاقه الأسرى وتنميتهم سياسياً وثقافياً إلى أن أطلق سراحه، لتعاود قوات الاحتلال اعتقاله مرة أخرى نهاية مايو 1989م لمدة ستة أشهر أخرى.

وبعد أيام من الإفراج عنه، انضم إلى صقور فتح، الجناح العسكري للحركة في المنطقة الشمالية، ليعتقله الاحتلال مجدداً في الثاني والعشرين من إبريل 1992م، حيث مارس دوره مجدداً في تثقيف الأسرى ودعمهم معنوياً ووطنياً من خلال الجلسات التنظيمية.

وعن الشهيد ناهض عودة، وهو المناضل العنيد في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والذي اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1985م، لمدة خمسة وأربعين يوماً، وعاودت اعتقاله مرة أخرى عام 1986م، لمدة خمسة عشر يوماً، دون أن تنجح في الحصول على اعتراف منه.

وشارك الشهيد بضراوة في العمل الوطني والنضالي في الانتفاضة الأولى، وكان من أوائل الذين شاركوا في إشعال جذوة الانتفاضة وتصعيدها، وشارك في رشق قوات الاحتلال بقضبان الحديد والزجاجات الحارقة والحجارة وإشعال إطارات السيارات وسط المخيم، وقد تم تصويره من قبل عناصر الجيش وتم اعتقاله فيما بعد، ليتم الإفراج عنه في أكتوبر 1988م، ويلتحق بصفوف حركة فتح ويشارك في تشكيل المجموعات العسكرية، إلى حين استشهاده.

في عام 1982م، امتدت لجان الشبيبة الفتحاوية لكافة الأحياء والمخيمات والقرى في قطاع غزة، لينضم الشهيد عبد الحكيم شمالي إلى صفوفها ويشارك في نشاطاتها التطوعية والمظاهرات التي تنظمها، وفي بداية الانتفاضة اعتقل عبد الحكيم بصحبة أشقائه الثلاثة ضمن حملة اعتقالات شنتها قوات الاحتلال في حي الشجاعية شرق غزة، لإطفاء جذوة الانتفاضة والحد من انتشارها وفاعليتها، وأفرج عنه في يناير 1988م، ليواصل العمل النضالي ضمن اللجان الشعبية الضاربة وهي قوة تتصدى للعملاء والخونة وتعمل على تطبيق قرارات القيادة الوطنية الموحدة.

أصيب الشهيد بانزلاق غضروفي أثناء قيامه بإحدى المهام النضالية، مما أدى إقعاده عن الحركة، حيث مكث في جمهورية مصر العربية شهوراً عدة لتلقي العلاج، وسرعان ما عاد من جديد ليلتحق بمجموعات صقور فتح، الجناح العسكري لحركة فتح.

وفي حياة الشهيد مجدي عبيد، فقد كان فتى شجاعاً وشاباً نشطاً، أحبه الجميع، وشارك في رشق قوات الاحتلال بالحجارة دوماً، وقد اضطرته ظروفه الاجتماعية فيما بعد، للسفر إلى الخليج من أجل العمل، وأثناء مكوثه في دولة الإمارات العربية الشقيقة، استشهد أحد أصدقائه، ثم شاهد مقاطعاً مسجلة لاستشهاد الطفل سهيل غبن في أحداث مخيم جباليا عام 1987م، مما استثار مشاعره الوطنية ودعاه للعودة إلى أرض الوطن، تاركاً المستقبل والعمل والمال وراء ظهره، ليشارك بفعالية وقوة في الانتفاضة التي اشتعلت نيرانها في أزقة المخيم آنذاك.

انضم الشهيد إلى لجان المقاومة الشعبية التابعة لحركة فتح بحي الشجاعية، ومارس نضاله منذ عودته إلى غزة، واعتقله الاحتلال وفي ذكرى الانطلاقة في الأول من يناير 1989، وخلال اعتقاله طلب من الموجه العام لحركة فتح أن يطعن أحد السجانين نظراً لاعتدائه المتكرر على الأسرى، إلا أن الموجه العام طلب منه العدول عن ذلك لما سيكون له من أثار وعواقب على رفاقه الأسرى.

في الثامن والعشرين من آذار 1994م، تمكنت القوات الإسرائيلية الخاصة من تنفيذ مهمة اغتيال الشهداء الستة في كمين محكم أعدته بالتعاون مع عملائها وعدد من المستعربين، ومع ارتفاع صوت آذان المغرب تلقى الجناح العسكري السري لصقور الفتح أحد أقصى الضربات بنجاح عملية الاغتيال التي ارتقى خلال أبطالنا الستة.

ويُشار هنا إلى أنه عقب مشاركة الشهداء الستة بحفل تأبين الشهيد سامي الغول، بمناسبة مرور عام على استشهاده، أعدمت القوات الإسرائيلية بمساعدة العملاء والمستعربين الشهداء بطريقة بشعة، حيث أطلقت النار صوبهم من نقطة صفر، مما أسفر إلى استشهادهم جميعاً.

وما زال ميدان الشهداء الستة شمال غزة، شاهداً حياً على بشاعة الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي راح ضحيتها ثلة من خيرة مناضلي حركة فتح، والذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الحرية.

أخبار ذات صلة