كتب عدلي صادق: ربما لم يأخذ مشورة أحد، فاستأنس بنفسه وجعل زيارته الى ليبيا، محض لقطة ذكية، من لقطات الزهو بالنفس، لإعطاء الانطباع بأن عطوفته يسعى في مناكبها.
هاوي السياسة، الذي لم يكمل قراءة الكتاب الأول من تاريخ فتح، يقفز الى ليبيا، والى مسرح العلاقات الإقليمية، في توقيت يدل على غيبوبته وغيبوبة هذه المجموعة التي تحكم في رام الله.
سُر محمد اشتية باستقبال المطار، واستقبال عبد الحميد الدبيبة له، في مقر مجلس الوزراء، بعد أربعة أيام من عزل الدبيبة نفسه، بقرار من البرلمان الليبي، وتعيين فتحي باشاغا بدلاً منه، وبالطبع، سيكون هناك سجال حسب سياقات السياسة الداخلية الليبية، بسبب إزاحة الأول والتصويت بالإجماع لصالح الثاني. وأغلب الظن أن اشتيه لا يعرف الفرق بين الأول والثاني، ولا يعرف ماذا سيقول للثاني لو إنه رتب للأول عملية إزاحة عاجلة من مقر رئاسة الوزراء، أثناء وجود اشتية في المكان.
عندئذٍ ستتعطل لغة الكلام. فليس بمقدور اشتيه أن يمتدح تفويض باشاغا ولا أن يذم عدم تفويض الدبيبة.
فمن يحق له امتداح التفويض، يكون هو نفسه مفوضاً، ومن يتأهل لذم عدم التفويض، يكون كذلك مفوضاً. فما شأنك يا اشتية بهذه اللُجة في هذه الأوقات الليبية، ونحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية مجرد تدخل، بينما أنت تسافر لكي تلتقي طرفاً له نزاع مع طرف آخر. لعلك تظنها سبهللة على عادة المحنك، أو مناسبة لـ “تمجيغ” الكلام المعسول، والضحك على ذقون البشر، وكأن الليبيين من متفرغي 2005 لكي يكذب عليهم .
فتحي باشاغا والدبيبة، كلاهما من مصراتة، لكن فرسحاً شاسعاً يفصل بين تجربتي الرجلين. الأول خُلّعت أنيابه وخاض كل الغمار، والثاني الذي التقى اشتيه رجل أعمال وصاحب شركة، وغِرٌ في السياسة، وكانت تقارير صحفية، ـ حتى من بينها سعودية ـ أفادت في الشهر الماضي أنه التقى قادة الموساد في العاصمة الأردنية. فما هي مصلحتك يا محمد في هذه القفزة العبيطة، التي ربما تتعرض بسببها للتأويل.
ربما جئت يا بني لكي تطلب مالاً. ومن ذا الذي يملك أن يعطيك، من خزينة لبلد لم يحسم فيه تماما حتى الآن أمر رئيس الحكومة؟