رغم غياب “جدول أعمال” واضح ومتفق عليه بين فصائل لقاء القاهرة، أيام قبل الانعقاد، لكن من بين الملفات المفروضة “إلزاميا” على طاولة البحث، ملف الانتخابات، وهناك اتفاق عام مشترك على تناول تلك القضية الهامة، وربما المفصلية..
التناول الاعلامي العام لهذه القضية الحساسة يكشف عن “فوضى سياسية”، حيث لا يوجد تحديد واضح لها، ويبدو أن “ملف الانتخابات” سيكون “عقدة خاصة” نظرا لعدم وضع تصور شامل له من مختلف جوانبه، بل لم يتم تحديد جوهر ذلك، متكفين بالاشارة الى المبدأ العام، ما سيفتح “أبوابا متشابكة” عند تناول ذلك بشكل محدد..
الأسئلة التي ستفرض نفسها إجباريا على طاول النقاش في ملف الانتخابات، تبدأ من تحديد طبيعتها، بشقيها البرلمانية والرئاسية، منظمة، دولة، وهناك من يتحدث عن “انتخابات سلطة”.. الغالبية لم تقف أمام اسئلة محددة تتناول الانتخابات المقبلة من الجوانب المتعددة، وستيضح من التناول التفصلي لذلك الملف كم ان هناك “التباسات سياسية – قانونية” تم التغافل عنها، إما عن موقف مسبق لتمرير رؤية سياسية ما، او “عن سوء تقدير سياسي”، ولنترك ذلك جانبا ونقف أمام المسألة بشكل آخر.
* انتخابات منظمة التحرير
– المجلس الوطني: هناك اتفاق بين القوى الفلسطينية على أهمية اجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، سبق أن تم الحديث على قانونها الخاص، انتخابات حيثما أمكن ذلك، تشمل الكل الفلسطيني، دون الضفة والقدس والقطاع، فلتك لها انتخابات مختلفة، انتخابات تفرز مجلس وطني فلسطيني، بصفته “برلمان الشعب الفلسطيني”..
واستنادا لمقالي حول منظمة التحرير، الطابع والدور المستقبلي، ستختلف مهام ودور المجلس الوطني اختلافا جذريا عما هو قائم الآن، ما بعد قيام دولة فلسطين، ولذا قد يصبح من الضرورة السياسية – القانونية، التفكير بعدم إجراء أي انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني جديدة، الا بعد اعلان دولة فلسطين، لارتباط المهام الجديدة لمنظمة التحرير، الإطار والبرنامج والنظام، بقيام الدولة، نظرا لتغيير إجباري سيطرأ عليها بعد ذلك، فلن تكون مهام منظمة التحرير ما بعد قيام دولة فلسطين، هي ذاتها ما قبلها، وهو ما سينطبق على مكوناتها أيضا، رئيسا ومجلسين (وطني ومركزي) ولجنة تنفيذية.
– رئيس اللجنة التنفيذية: إن الحديث عن إنتخابات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لا يتم التعامل معها بما تستحقه من أهمية سياسية، بل أن البعض ينظر اليها وكأنها عملية “تحصيل حاصل” لتوزان القوى في اللجنة التنفيذية، الناجم عن ميزان العملية التصويتية في المجلسين الوطني والمركزي، لكن المرحلة المقبلة تستوجب التفكير الجذري بغير ذلك، وأن يتم ربط انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية بالمرحلة الخاصة، وهي قيام دولة فلسطين، حيث الفصل بينهما يصبح شرطا “إلزاميا”، ما تم الحديث عنه في مقالي 18 نوفمبر..
فصل رئاسة منظمة التحرير عن رئاسة دولة فلسطين ضرورة وطنية كبرى، ولا يجوز استمرار “التوحد الراهن” الممتد منذ اعلان الاستقلال عام 1988، ولاحقا أول انتخابات لرئيس السلطة الوطنية عام 1996 ثم اللاحق بعد إغتيال المؤسس الخالد ياسر عرفات 2005..
وإستنادا لذلك، يصبح البحث عن صيغة توافقية لرئيس اللجنة التنفيذية في “المرحلة الانتقالية”، اذا ما تم اعلان دولة فلسطين، في الظرف الراهن وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012 ردا على ما يحاك من مشاريع لضرب الكيانية الفلسطينية وطبيعة الحدود التي تحدث عنها القرار المذكور، عندها يصبح التوافق على رئيس دولة فلسطين الى حين إجراء الانتخابات الخاصة برئيس الدولة..
انتخابات دولة فلسطين
– برلمان الدولة: من المسائل الجوهرية للمرحلة القادمة، هو كيفية الاتفاق الوطني على إنهاء المرحلة الانتقالية مع دولة الكيان، التي فرضتها بالقوة الجبرية، ولا تزال، خارج نصوص كل الاتفاقت الموقعة، من اتفاق اعلان المبادئ (أوسلو) 1993 وما تلاه من بروتوكولات تكملية خاصة “الإتفاق الانتقالي” 1995، والتي حددت جميعها المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، كان لها ان تنتهي 1999..
وجاءت قمة كمب ديفيد 2000 آخر مفاوضات “جادة” بين منظمة التحرير والكيان الاسرائيلي بمشاركة أمريكية، بحثت قضايا الحل النهائي..واصطدمت بقضية القدس ومحاولة الطرف الإسرائيلي فرض “الرواية اليهودية” بأن ساحة البراق وحائطها هما بقايا “الهيكل”، ما يعني أنهما “حق تاريخي لليهود”، ما رفضه الخالد رفضا مطلقا..وانتهت عملية التفاوض وبدأ القرار الأمريكي الاسرائيلي المشترك للخلاص من المؤسس ياسر عرفات وتجهيز “البديل الفلسطيني” له..واليوم لم تعد تلك مشكلة عند حركة فتح التي اعترفت بالرواية اليهودية فيما يتعلق بساحة البراق والحائط..
ولذا بات من الضرورة الوطنية كسر “المؤامرة الإسرائيلية الأمريكية” باطالة أمد المرحلة الانتقالية وذلك باعلان دولة فلسطين، وهو ما يؤدي عندها الى اعادة صياغة الانتخابات ليس لمجلس مؤقت، بل لبرلمان الدولة الدائم، ضمن آليات يتم البحث فيها بشكل تفصلي..
ولأن المسألة قد تتطلب وقتا بين اعلان الدولة وانتخابات برلمانها، يصبح من الهام الاتفاق على إدارة المرحلة الإنتقالية هذه بطريقة تختلف جذريا عن قوانين المرحلة الانتقالية المفروضة من سلطات الكيان..
– رئيس دولة فلسطين: ارتباطا بما سبق، يصبح الحديث عن انتخاب رئيس دولة فلسطين، بشكل مستقل جزء من التغيير المطلوب.
المرحلة الإنتقالية
استباقا لعدم الاتفاق على اعلان دولة فلسطين راهنا، وعدم اجراء الانتخابات العامة للدولة والمنظمة بشقيها الرئاسية والإطر، يجب عدم السعي لاجراء انتخابات انتقالية جديدة للسلطة الفلسطينية، بصفتها مرحلة انتقالية، وأي انتخابات جديدة لها وبذات شروط ما سبق، ستكون اعتراف ىسياسي – قانوني من الطرف الفلسطيني بشرعية ما قامت به دولة الكيان، وتكريس عملي لإطالة أمد المرحلة الانتقالية بالشروط الاسرائيلية.
لذا يجب الاتفاق على عدم اجراء اي انتخابات للسلطة، وتعويضا يمكن وضع أسس متفق عليها تحكم عمل المؤسسات القائمة، رئاسة ومجلس تشريعي وفق القانون الاساسي، ضوابط تزيل مخاوف هذا الطرف او ذاك من تغول هذه السلطة أم تلك، او مصادرة القانون الأساسي.
اتفاق انتقالي يحكم عمل المؤسسات، يكون مرجعيته “الإطار القيادي المؤقت”..
قد يرى البعض أن تلك قضايا معقدة وتحتاج رؤى مختلفة عن السائد، لكنها بالتأكيد ستكون الضمانة الأهم لعدم تكريس الرؤية الصهيوينة للحل السياسي..
ملاحظة: تهديدات الخارجية الأمريكية باغلاق مكتب منظمة التحرير، لا تساوي ذرة تراب، رغم ما يبدو أنها “كارثة سياسية”..أمريكا لن تجرؤ على ذلك لأنها تريد “طرفا فلسطينيا”..الرد على التهديد مش بالبيانات الفردية..الطرق معروفة لو أن الرئاسة الفلسطينية تريد حقا الرد!
تنويه خاص: حماس اصدرت بيانا عن زيارة اللواء ماجد فرج قالت به كلاما لو صدق نصفه، لما كان لدينا أي عقبة وأنتهت ملامح الانقسام بدون لقاء القاهرة..طيب مين الصادق !