كتب توفيق أبو خوصة: في زمن مضى كانت للعضوية في حركة فتح صفة السرية ما لم يتقرر غير ذلك، وفي نظامها الداخلي يعتبر النقد و النقد الذاتي هما الأساس في التنقية و التصحيح ، وتؤمن الحركة بقدسية العضوية وحرية الإنسان و ترفض مبدأ الإنتقام ولا تقره ،ولا تعتبر العقوبة مطلوبة لحد ذاتها بقدر ماهي وسيلة للتقويم و البناء ،،، اليوم صارت أسرارها في الشارع وعلى قفا مين يشيل ،،، حتى أدق التفاصيل ،،، و النقد جريمة يعاقب مرتكبها و الاختلاف في الرأي ثالثة الأثافي ،،، أما النقد الذاتي فقد أصبح في خبر كان ،،، ناهيك عن معنى العضوية فلا قدسية ولا ما يحزنون ،،، ومن يتحدث عن التنقية و التصحيح و التقييم و البناء فهو شيطان رجيم ،،، فإذا غابت المفاهيم الأساسية للحركة في الممارسة التنظيمية ،،، ماذا تبقى منها الآن بعدما صارت المقاييس الشخصية و الشللية و الجهوية و المزاجية هي الحكم لا نظام ولا لوائح ولا ضوابط بل إرادة مختطفي الحركة و القراصنة هي القرار وقانون اللا قانون ،،، مدخلاتها محسوبة و مخرجاتها تفصيل ،،، عن أي مؤتمرات عامة وخاصة ولجان مركزية و مجالس ثورية نتحدث ،،، الحركة تقاد قهرا إلى المذبح ،،، وتباع جلود الضحايا قبل الذبح ،،، الصدر الأعظم هو القانون و النظام و أحلامه أوامر وقرارات و فرمانات واجبة التنفيذ … سلم على الثامن بدون تاسع ؟؟
ليس هذا فحسب ،،، بل إن الأسرار و الفضائح و المغالطات والأخطاء و الخطايا التي يرتكبها علية القوم من القادة و المسؤولين السرسرية و أخوات الشليتة ،،، باتت في متناول أي شخص سواء بشكل مباشر أو عبر الفضاءات الإلكترونية ،،، و الأنكى من ذلك وجود من يبررها و يدافع عنها و يعتبرها عين الصواب و مصلحة تنظيمية أو وطنية ،،، وكل من ينتقدها أو يشير لها يعمل لأجندات مشبوهة يستحق الشنق و المحق و السحق ،،، و رغم هذا وذاك ،،، فإن فتح الفكرة الوطنية ماتزال تشكل بوصلة الوعي الوطني بحاجة لمن يترجمها إلى واقع و حقيقة في الميدان و يستعيد روحها الوثابة للتغيير و الإصلاح بالعمل الحقيقي من أجل وضع العربة على السكة في مشوارها النضالي ،،، بعد أن وصلت معظم المسميات و الأفكار إلى حافة الإفلاس إن لم تكن فعلت بلغت حد الإفلاس ،،، على شكل فصائل و قيادات فقط تقاتل من أجل الحفاظ على وجودها في المشهد وحماية مصالحها الذاتية بأي ثمن على حساب القضية الوطنية .
هنا لابد من التأكيد أن السلطة و المنظمة و الفصائل بمنطلقاتها المختلفة تحولت إلى عناوين بائسة أمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني و قضيته الوطنية من أخطار ،،، ولم تعد تمتلك غير بيانات الشجب و التنديد والإدانة لجرائم العدو المركزي وفي أفضل الحالات إطلاق صيحات التهديد و الوعيد بلا طائل مع إستمرار كل أشكال العدوان و الإستيطان و التهويد ،،، حيث تحولت أولويات تلك المكونات إلى تصفية الحسابات الداخلية بين بعضها البعض أو في داخلها بغرض تحقيق مكاسب تافهة هنا و هناك لا تتناسب مع حجم التحديات الوطنية إطلاقا بل تضيف أعباء عليها ،،، وهو ما أفرز حالة عامة من التآكل الذاتي و الإنهيارات الداخلية وفقدان الثقة الجماهيرية بهذه المكونات حتى أصبح بعضها لا تكاد تراه بالعين المجردة بعد أن فقد حضوره و تأثيره و إمتداده في الشارع الفلسطيني .
إذا صلحت فتح صلحت الحالة الفلسطينية و العكس صحيح ،،، هذه ليست رؤية فتحاوية فحسب بل ما يمثل إجماعا وطنيا على الأقل ،،، فهي عمود الخيمة و الأقدر على قيادة مسيرة النضال الوطني وجمع شتات الشعب الفلسطيني ،،، و الوفاء بإحتياجاته الحياتية و الإنسانية بكل إمكانياتها ،،، وهي الرافعة الإيجابية لكل جهد نضالي في مواجهة العدو بالإيذاء و إيقاع الخسائر التي تدفعه للإنكفاء والتفكير بإعادة الحساب في كل موقف ،،، وحدة فتح قوة وهيبة و دور ،،، فتح بوحدتها أمل لكل الفتحاويين و الوطنيين الأحرار ،،، فتح بوحدتها تحمي التاريخ وتبني الحاضر وتصنع المستقبل ،،، فلسطين تستحق الأفضل …
لن تسقط الراية