آخر الاخبار

كابوس حل “الدولة الواحدة”

كتب عدلي صادق: كابوس حل “الدولة الواحدة” يستنفر علماء الاجتماع في إسرائيل، فبعد فترة تأخير استمرت سنوات، ظل الفلسطينيون ينظرون لخارطة الاستيطان في الضفة، بعيون الرجاء في أن يجري تفكيكها ذات يوم. لكننا اليوم أمام فرضية أخرى، جعلت علماء الاجتماع الإسرائيليين، وكذا صفوة المؤرخين، يعلنون النفير، ويحذرون من خطر أصحاب الأساطير، من المستوطنين، الذين يؤسسون لدينامية استعمارية مديدة، لن تقوى الصهيونية على تحمل تبعاتها ولن تنجو منها.
غرشون شافير، أستاذ علم الاجتماع في جامعة كاليفورنيا، يرصد ظاهرة تنامي أنموذج “بن غفير” ويعرضها بلغة الخوف على مصير إسرائيل، وهي تذهب بنفسها الى حال الدولة الواحدة ثنائية القومية. فعلماء الاجتماع ـ وليس رعاع المجتمع ـ في إسرائيل، يرون مستقبل الدولة في الفصل بين شعبين لكل منهما سيادته، وما الظاهرة الاستيطانية في الضفة، إلا معول هدم لمشروع النجاة، طالما أن المعتوهين يؤسسون لصراع مديد، سيكون سببه توسيع الظاهرة الاستعمارية من خلال التواجد اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 67. وعالمة الاجتماع أنيتــا شــابيرا، تحث على اعتماد أدوات التحليل للظاهرة الاستعمارية، وتقول إن تناول الاستيطان، بل تناول المشروع الإسرائيلي كله، بمنطق تحليل الظاهرة الاستعمارية أمر “شرعي ومرغوب فيه في آن”، وهكذا يؤكد زميلها أهــارون هيغــد، الذي يقول إن الطــابع الاســتعماري للصــهيونية، يؤجج الصراع ويتسبب للشعبين في أن ينزع أحدهما عن الآخر، وعن تاريخ الآخر، صفة الشرعية. وليس هناك حل، إلا الاعتراف بفكرة أن تأسيس إسرائيل نفسها جلـب كارثـة علـى الشـعب الفلسطيني، ثم التوجه سريعاً الى تصفية الواقع الاستعماري!
على الرغم من زخم الاندفاعة الاستيطانية، راهنا، بمنطق الأسطورة والأيديولوجيا، فإن علماء الاجتماع الإسرائيليون يؤكدون على هذا المنحى من التفكير والاندفاع، بدائي وهمجي ويؤدي لإهمــال المصــالح، لاعتبــارات أيديولوجيــة تنتمي الى جنس الخرافة. فالأوجب ـ حسب قولهم ـ هو إعادة النظر والتفكير، بأسلوب علم الاجتماع النقدي، لمراجعة ما استقرت عليه قناعات الصهيونية السياسية بخصوص الصراع، وبخصوص آرائها ووعيها حياله. ويحذرون:”إن قديم الثقافة الصهيونية ميت، وجديدها لم يُولد بعد”.
ما يعنينا من هذا الكلام كله، أن الظاهرة التي يمثلها النصاب نتنياهو، تأخذ إسرائيل الى مأزقها بتضييع حل الدولتين وفتح الآفاق لحل الدولة الواحدة ثنائية القومية، بوجود نحو عشرة ملايين فلسطيني على أرض وطنهم التاريخي، وهذا ما يرونه الطامة الكبرى.

أخبار ذات صلة