ذات صلة

لست بحاجة للاستئذان وانتظار تعليمات!!!

بقلم: توفيق أبو خوصة

عندما اختارت حركة فتح المقاومة الشعبية طويلة الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي ومفرداته الاستيطانية والعنصرية كانت تدرك بقناعة أنها بذلك تجرد العدو  كثيرا من أدوات القوة العسكرية الغاشمة التي يمتلكها، وذلك دون أن تغفل أي أسلوب نضالي آخر، وفي نفس الوقت تفتح المجال لأوسع مشاركة جماهيرية في العملية النضالية و تبقي كل الخيارات مفتوحة للمبادرات الكفاحية و إبداعات الميدان وساحات الاشتباك في طول الوطن و عرضه، وهذا ما يثبت فعاليته يوميا في مواجهة الاحتلال و التصدي لمشاريعه التصفوية بأشكال متجددة تعطي للقضية الوطنية روح الاستمرارية و الصمود، لا شك أن الفتحاويين هم من يقود المقاومة الشعبية التي تنغمس في حالة مركبة من الصراع متعدد الوجوه ضد الوجود الصهيوني ليس في الضفة الغربية و القدس فقط بل أيضا في الداخل الفلسطيني بخلاف قطاع غزة الذي يعيش حالة استثنائية، فهم يقدمون نماذج فدائية عظيمة كالرعد و الضياء في تنفيذ عمليات جريئة تهز عمق الكيان الصهيوني و تضعه على صفيح ساخن أفقده كل معالم الأمن و الأمان سواء على صعيد المؤسسة العسكرية و الأمنية أو المستوطن العادي، ولكن اللافت أن يظهر غيرهم كأنه قوة الفعل الوحيدة على الساحة من خلال ماكينة الإعلام الحزبي و المنصات الإعلامية الرديفة أو في وسائل الإعلام العبري، و تركيز عملية الضخ الإعلامي بهذا الاتجاه.

صحيح أن قيادة فتح الرسمية لا تقف وراء المبادرات العملياتية والكفاحية الفردية أو المناطقية بل في كثير من الأحيان تدينها وتستنكرها ضمن حساباتها الخاصة التي لا تعبر عن إرادة حركة فتح وجماهيرها، لكن الجميع يقر أنه بدون حراك فتح الثوري و انخراطها في كل فعل نضالي و مشاركتها الفاعلة فيه لا يمكن له النجاح في تحقيق أهدافه باعتبارها الرافعة المركزية في المواجهة، لكن ارتدادات المواقف الرسمية للقيادة المتنفذة ومراكمتها خلال المرحلة الماضية تركت أثارا سلبية بعيدة المدى في ذهنية المواطن الفلسطيني في ظل غياب الإعلام الفتحاوي عن المشهد، وعدم تبني الجهد النضالي لأبناء الحركة و استثماره بالشكل الأمثل، هنا لابد من التأكيد على أن طبيعة التكوين الوطني للفتحاويين يقوم على المبادرة في كل شيء، وعدم انتظار التعليمات من جهات عليا في الغالب والاعتماد على تقدير الموقف الميداني والمصلحة الوطنية التي ترتكز في قاعدتها الأساسية على أن التناقض الرئيسي والمركزي مع الاحتلال الإسرائيلي فقط، بالتالي كل جهد أو فعل مهما كبر أو صغر يتسبب في إيذاء العدو الصهيوني يعتبر مصلحة وطنية، في حين أن بعض القوى في الساحة وظيفتها أن تحصد نتائج كل الفعاليات النضالية وتوظيفها لصالح تعزيز دورها وأهميتها خصوصا على حساب حركة فتح التي بلا شك على المستوى الرسمي قيادتها أصبحت غير ذي صلة بمتطلبات الواقع الكفاحي، لكن هذا لم يمنع الفتحاويين من أن يكونوا هم القادة الحقيقيين للحراك الكفاحي في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني المحتل سواء عبر الكفاح المسلح أو المقاومة الشعبية، بما في ذلك ضباط و أفراد من الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

إن التجربة الكفاحية التي تميزت بها محافظة جنين و خصوصا مخيمها الصامد في الآونة الأخيرة تمتد إلى أكثر من موقع في الضفة الغربية و العنصر الأساس فيها هم أبناء و كوادر حركة فتح، ولا غرو أن غالبية الشهداء والجرحى والأسرى والمطاردين للاحتلال الإسرائيلي هم من الفتحاويين، مما يؤكد دورهم الطليعي في قيادة المقاومة الشعبية و المسلحة، و إذا نظرنا إلى الملحمة البطولية اليومية في مدينة القدس نجد أيضا أن الفتحاويين هناك هم عناوين المنازلة والاشتباك والصراع في المواجهة المحتدمة ضد الاحتلال الصهيوني، لذلك الحالة الفتحاوية عموما بالرغم مما تعانيه من تراجع على المستوى الرسمي وما لحق بها من تباينات ومشاكل داخلية يتحمل كادرها القيادي المتقدم في الميدان مسؤولية تاريخية في لملمة أوضاعها و تصويب بوصلتها النضالية وإزالة ما لحق بها من تشوهات من خلال مبادرات فاعلة و جادة تقوم على توحيد الجهد وتوسيع دوائر التنسيق والتعاون وتطوير و تأطير الحالة النضالية باعتبار أن هذه الحركة العظيمة ماتزال تشكل رأس حربة حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وفي ظل تقاعس مؤسسة الإعلام الرسمي للحركة و عجز المتحدثين باسمها إعلاميا بناء على تعليمات وتوجهات القيادة المتنفذة يجب التركيز على توظيف الإعلام الجديد وما يحتله من أهمية و أولوية بارزة في صناعة الرأي العام تضعها في متناول اليد وسائل التواصل الاجتماعي، هذه دعوة لكل الفتحاويين لاستنهاض روح الفتح الوثابة بالمساهمة الفعالة في إبراز الدور النضالي و المقاوم بعيدا عن أي حسابات صغيرة هنا و هناك، مما يفرض ضرورة  الخروج من عباءة الرسمية وما تضعه من محاذير ومخاوف تصل حد الإرهاب المادي و المعنوي و الملاحقة الأمنية لكل من يختلف معها أو يخالفها الرأي و الموقف، فتح يجب أن تستعيد دورها و مكانتها، حيث الرهان في الميدان و الخيار بأيديكم و الأمانة التنظيمية و الوطنية في رقاب الجميع، فأنت ليس بحاجة للاستئذان من أحد أو تعليمات من فلان أو علان لتؤدي واجبك الوطني والتنظيمي من منطلق الحقيقة الثابتة التي تقول” إذا صلحت فتح صلحت الحالة الوطنية كلها “وأن القواعد الفتحاوية قادرة على صناعة التغيير المنشود بالمراكمة الثورية و النضالية عبر إعلاء روح الانتماء الوطني والفعل التنظيمي بالشراكة مع الكل الوطني في الميدان، قف على ناصية الحلم و قاتل. فلسطين تستحق الأفضل … لن تسقط الراية.