آخر الاخبار

مفارقات في خضم حرب الإبادة

عدلي صادق

من المفارقات السوداء أثناء حرب الإبادة التي تشنها الصهيونية النازية على شعبنا؛ أنه كلما تشدد فلسطينيون في تأثيم المقاومين وسقفهم السياسي، يُصعِّد العدو قصفه لمجاميع الناس بالجملة، فيزهق أرواح المتبرمين أنفسهم مع غير المتبرمين، أي تحصد آله الحرب الهمجية كل فئات الأعمار من الناس، لمجرد كونهم فلسطينيين.

المصنفون في الأمم المتحدة، كقتلة أطفال مُدرجين في قائمة سوداء دولية، لهذا الصنف من القتلة الأوغاد؛ يتحدثون عن سلطات محلية يريدون اصطناعها من بُلهاء ومعتوهين، بدءاً بشمالي قطاع غزة، أي إنهم يتحدثون عن فئات صديقة يمكن أن تواليهم، على أن تكون هذه الفئات المفترضة تحت النار وبرسم الموت في أية لحظة. وهنا تجتمع الغطرسة مع الإجرام والسفالة واستهبال خلق الله.

على شاشة تلفزيون “مكان” الصهيوني، حدث أمس أن واحداً من العاملين الفلسطينيين أصلاً، ومعه امرأة من المذيعات، استضافا أحد الفاشيين من الفئة الحاكمة في الدولة المارقة، لكي يعرض موقفه تفصيلاً في مشهد حرب الإبادة، ففوجئ الاثنان بالفاشي النازي، يخاطبهما شخصياً أو يخاطب من خلالهما شعب فلسطين كله: “مكانكم خارج الجغرافيا، ولديكم 22 دولة عربية.. إلى هناك تذهبون”. عندئذٍ تحول النقاش إلى كلام يتعلق بمصير المذيع والمذيعة، وبحقهما في البقاء في وطنهما، على الرغم من عملهما في ما يسمى “هيئة البث الإسرائيلية”. هنا كانت واضحة تماماً مقاصد النازية الصهيونية، مثلما كانت واضحة عنصرية العدو التي تضع الكل الفلسطيني في كفة واحدة: الذين جعلتهم الكارثة يتبرمون ويهاجمون من داخل الفاجعة، والصامتين الصابرين، وكذلك المقاومين الذين أفشلوا ويُفشلون أهداف العدو.

معنى هذا كله، أن المقاومة هي قَدَر الفلسطيني وبوصلته، إن لم تكن بالرضا فهي بالاضطرار، لأن هذا العدو لن يتقبل طيفاً منا، وهو العدو الوحيد في صراعات التاريخ، الذي لا يتقبل من أعدائه الهزيمة، فهو يتوخى عبيداً ولا يتوخى مهزومين. فالمهزوم في حسابات الصهيونية النازية يمكن أن يستجمع إرادته ويُعاود الكَرّة. أما العبيد فهم الذين يتوخاهم ويطمئن لهم إلى الأبد، ولن يتحققوا له إلى الأبد.

على الرغم من أنف الصهيونية النازية، فإن نهاية المعركة، مهما كانت الآلام ومهما كان حجم الفقد؛ لن تشهد سوى هزيمتها ومفاقمة أزمتها وقلقها الوجودي. فالفلسطيني المنزرع في أرضه منذ الكنعانيين، لم يأتِ من 22 دولة لكي يعود اليها. فالصهيوني هو الذي جاء من عشرات أوطانه، وقد جاءت به عملية غزو استعماري عنصري حقير.

أخبار ذات صلة