اقرأ أيضاً

بيانات صحفية

الانتخابات في النقابات

كتب: توفيق أبو خوصة:

تلعب النقابات دورا مركزيا في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني لذلك تكتسب نتائج الانتخابات فيها أهمية مميزة، من منطلق الجدلية الدائمة بين النقابي والسياسي وهي سمة ملازمة بحكم خصوصية الحالة الفلسطينية، حيث تولي القوى السياسية والفصائل الفلسطينية الأمر اهتماما كبيرا بالسعي لإثبات وجودها و حضورها و تمثيلها في المكونات النقابية على الساحة، وإذا نظرنا إلى العمل النقابي بحد ذاته ومبررات وجوده وامتلاكه القدرة على تحقيق الأهداف المنشودة في الدفاع عن حقوق ومصالح أعضاء النقابات و منتسبيها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها المهمة الأساسية للعمل النقابي وتشكيل النقابات (المهنية والعمالية)، لكن العامل السياسي والحزبي يتغلب في حالات كثيرة على العامل النقابي.

غير أن النقابات المهنية تحتل قدرا أكبر من الاهتمام نظرا لطبيعة ونوعية أعضائها و منتسبيها وما يمثلونه على المستوى المجتمعي من تأثير و فعالية، فهم عصب الطبقة الوسطي في المجتمع التي تمتلك أدوات التأثير والقدرة على صناعة التغيير المجتمعي وتوجيه إنجازاته السياسية، وهم أصحاب مصلحة مباشرة في ضمان الحريات العامة التي توفر لهم المجال للقيام بأدوارهم المطلبية نقابيا والنضالية سياسيا، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن منتسبي النقابات المهنية غالبا هم أعضاء في القوى السياسية والفصائل الفلسطينية العاملة على الساحة، وبناء عليه يأتي الحرص والتنافس بينها على المشاركة في العمليات الانتخابية التي تجري في هذه النقابات و توفير الإمكانيات والمناخات اللازمة لتحقيق مكاسب فيها على صعيد الحضور وقوة التمثيل في مجالسها النقابية.

في ضوء إجراء الانتخابات و إنجاز العملية الديمقراطية في عدد من النقابات المهنية وما يصاحبها من اهتمام وتحشيد إعلامي ومحاولة الاستثمار السياسي والحزبي فيها باعتبار أن نتائجها تشكل أحد المعايير النسبية لقياس الرأي العام وتوجهاته، لذلك من الأهمية بمكان بذل كل جهد ممكن لتفعيل العمل النقابي بشقيه المطلبي و السياسي والارتقاء بالتجربة الديمقراطية بصورة دائمة وليس كحالة موسمية مرتبطة فقط بالعملية الانتخابية ونتائجها، و اعتماد برامج شاملة من الأنشطة والفعاليات النقابية والمهنية والسياسية والمجتمعية التي تتوافق مع الطبيعة الخاصة لكل نقابة مهنية على حدة، وإذا تحدثنا عن الحضور الفتحاوي في النقابات المهنية وما له من التمثيل فيها سواء داخل المجالس النقابية أو عبر المكاتب الحركية، من يريد تحقيق الفوز والوصول إلى نتائج إيجابية عليه مراعاة خصوصية كل الشرائح النقابية ومنحها الاهتمام والتقدير والاحترام و الدعم اللازم والمتابعة من اجل ان المستحقة بعيدا عن منطق نوبات الصحوة المتأخرة التي تسبق كل عملية انتخابية، لا ينفع العليق على الخيل ليلة الغارة ، حيث أن العمل النقابي يقوم على المراكمة في المواقف الإيجابية والاستقطاب المستمر بالسهر على تعزيز القناعات لدى أعضاء النقابة ومنتسبيها الجدد والدفاع عن مصالح الشريحة المستهدفة على الدوام سواء من خلال الوجود داخل مجلس النقابة أو من خارجه (المكتب الحركي) في الفترة بين العملية الانتخابية و التي تليها، من يتوضأ بدري يصلي حاضر، وهنا يجب التأكيد على وجود مسافة فاصلة تمنع وصاية السياسي على النقابي عندما يتعلق الأمر بمصلحة النقابة وجمهور منتسبيها ونضالهم المطلبي والدفاع عن حقوقهم، إذ أن أهل مكة أدرى بشعابها، و الأهم أن يتم اختيار الوجوه المطلوبة للقيام بمهام نقابية وفق معايير تتناسب مع خصوصية وأهمية العمل النقابي وما تحتاجه من حضور شخصي وقدرات عملية ذات فعالية وتأثير إيجابي و قبول جماهيري في الهيئة الناخبة للنقابة مع الخبرة المهنية اللازمة إلى جانب الالتزام الحركي، باعتبار أن العمل في المجال النقابي هي مهمة حركية وليس مرتبة تنظيمية، ذلك كله على أن يكون بمنأى عن الحسابات والمزاجيات على اختلافها، بحيث تتقدم المصلحة العامة على ما عداها، فلسطين تستحق الأفضل… لن تسقط الراية.