آخر الاخبار

الصحفيون الفلسطينيون

كتب عدلي صادق : كان الفلسطينيون الذين عملوا في ميدان الصحافة، يشكلون إحدى أهم الظواهر اللافتة في تاريخ بلادهم أولاً، ثم في تاريخ الثقافة والصحافة في العالم العربي. فمنذ نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ظل الجسم الصحفي الفلسطيني، يجتذب النابغين النبهاء في بلادنا، بل يجتذب عرباً لا يغادرونه إن دخلوا، إذ يمكثون في بلادنا أو يحملونها بين جوانحهم إن غادروها طوعاً أو قسرا. ولا فرق في ذلك، منذ ما قبل الانتداب البريطاني الإمبريالي على بلادنا؛ بين روحي ياسين الخالدي الفلسطيني المقدسي المسلم، والقامتين نجيب عازوري ونجيب نصار، اللبنانيي المولد، المسيحيين، اللذين عاشا لفلسطين ونافحها عنها وشاركا في تأسيس صحافتها، ودُفنا فيها!

للعمل الصحفي الفلسطيني نكهة خاصة تتسم بالتحدي والمثابرة والتمكن من اللغة والسلامة والفصاحة في مخارج الألفاظ، والتميز في الثقافة، والتفاني في العمل وهذا الذي جعلهم من أعز الصحفيين شأناً في تجربة النهوض بالإعلام العربي، في الدول الشقيقة، على مر مراحل تطور وسائل الإعلام (صحافة ورقية، وإذاعية، وتلفزيونية، حتى الوصول الى الإعلام الرقمي) وكانوا في طليعة تأسيس ظاهرة الصحفي الشامل، الذي يُعد التقارير من الالف الى الياء، بالاعتماد على نفسه بشكل كلي بدءا من اختيار الموضوع والتنسيق له والتصوير والمونتاج وكتابة النص وهو الاسلوب الحديث الذي بدأت تعمل عليه كبرى مؤسسات الاعلام .

المرموقون من صحافيي فلسطين القدامى، كانوا في موضع تقدير الزعماء الوازنين في العالم العربي الذين كانوا يتابعون أداءهم، ونشأت صداقات بينهم وبين أولئك الزعماء الذين اكتسبوا عاطفة قومية وإسلامية خاصة حيال فلسطين الوطن والقضية، وكانت لبعض الصحفيين الفلسطينيين صداقات وعلاقات مع الزعامات العربية الوازنة، كجمال عبد الناصر والشيخ زايد والملك فيصل والملك محمد الخامس، ومن أمثلة أولئك الصحفيين، الإذاعي والشاعر والألسني حسن سعيد الكرمي صاحب برنامج “قول على قول” في إذاعة لندن، وقد كان بعض القادة يوصونه للاعتناء بأبنائهم المبتعثين للدراسة في بريطانيا!

الصحفيون الفلسطينيون في وطنهم، مقاتلون من أجل الحرية، يتحسسون الخطر قبل وقوعه ويجابهونه عندما يقع، لذا ارتقى منهم كثيرون في ساحة الشرف، وامتدت يد الغدر الى الكثيرين منهم ففقدوا حياتهم على طريق النضال الوطني، ما جعل الاطلاع على تجاربهم ـ تفصيلاً ـ جزءاً من الثقافة التي يحتاجها الصحفي الناشيء.

للصحفيين الفلسطينيين اليوم، قضية تتفرع عن قضيتهم الكبرى، وهي الاستهداف المتعمد بالرصاص الصهيوني، في واحدة من أكثر الانتهاكات فظاعة في معركتنا الشاملة مع الصهيونية.

أخبار ذات صلة