كَتب: عدلي صادق
على الرغم من كون الدنيا كلها شاهدة على طبيعة الاحتلال العنصري في بلادنا، وعلى ما يفعله الهمج المستوطنين في الضفة؛ فإن أوساط الحاكمين في الدولة المارقة ما زالوا يتحدثون عن إرهاب، وعن محرضين يريدون اغتيالهم وكأن الأمر يتعلق بجنايات ترتكبها عناصر سطو مسلح ومن ورائهم محرضون، وليس شباباً في عمر الزهور يبذلون حياتهم لدفع الأذى الذي الواقع على شعبهم ليل نهار ويرونه بأمهات عيونهم ويألمون منه ويسقطون في موضع الغضب الساطع، وهم يعرفون أن العدو سينسف بيوت أسرهم وأن الكلفة باهظة!
يحاول العدو استغباء العالم وتضليل ثقافته وإرباك وعيه لحقائق الصراع. وفي هذا السياق يتعمد التحكم في صياغة المصطلحات، لكي يسمي الأشياء بغير سمائها.
فالمصطلح في العادة يدل على فكرة. وفي علم الحرب النفسية يعتبر حرف المصطلح عن مقاصده أداة من أدوات تغيير الفكرة، لا سيما عندما يتكرر وتتعود عليه الأسماع. فالمقاوم إرهابي، ولولا وجود هذا الإرهابي لمضت الحياة ناعمة وجميلة ولا شيء يُعكر الصفو فيها. فلا احتلال، ولا مستوطنين مسلحين أشرار يهجمون على الناس ويطلقون النار ويقتلعون أشجار الزيتون، ولا جيشاً يقتل الأطفال في إحدى الممارسات الجبانة التي تتسامى عليها بهائم الكواسر في الغابات. وكان من غباء جماعتنا أن يسمون القتل المتكرر للأبرياء “إعدامات ميدانية” وهي بلا ميدان، وبلا جنود مسلحين على الطرف الآخر.
قادة هذا العدو، يتحدثون عن اغتيالات أو تصفيات. فبعد صياغة المصطلح الفاجر، يأنسون في أنفسهم الأحقية في اغتيال عناصر يقولون إنها تُحرّض، علما بأن سلوك الفاشية التي يمثلونها هو المُحرّض الوحيد الذي يستحث ردود الأفعال. فمن دواعي الخيبة على الجانب الفلسطيني، أن مصطلحات الشيطنة، التي ينحتها العدو من لوصف مآثر الدفاع عن النفس؛ لا تجد يدحضها من المستوى الرسمي الفلسطيني، ويفضح مراميها على مسمع من العالم، لكي لا يوصف المقاوم بالإرهابي. ومن ذا، اليوم، الذي يجرؤ على القول إن شعبنا يخلو من الإرهابيين، لأن الإرهابيين بلا قضية عادلة، والإرهابيون قتلة أبرياء، وهذه صفة تنطبق على الاحتلال وقادته.
ليت الأمر اقتصر على السكوت عن تلاعب العدو بالمصطلح في كل شأن، وإنما زاد عليه الجانب الرسمي الفلسطيني مصطلحات عبيطة جديدة، كالقول أحياناً عند وقوع العسف على شعبنا ، إن السلطة، ترفض أو تستنكر “إجراءات إسرائيل الأحادية”. وكأن الفعل الاحتلالي الأمني أو التدابير الخانقة محض إجراءات، وأن عِلة هذه الإجراءات في كونها أحادية!