غزة: دخل الأسير القائد عبد الرحمن مقداد “أبو أحمد”، والمحكوم بالسجن واحد وعشرين مؤبداً وخمسة عشر عاماً، اليوم، عاماً جديداً في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
والأسير مقداد من مواليد عام 1976م بالعاصمة المصرية القاهرة، وقد عاش طفولته هناك إلى أ بلغ الثالثة عشر ربيعاً، حيث انتقل للعيش مع أسرته حينها في مدينة الكفرة الليبية، وقد لوحظ عليه منذ بلوغه سن الشباب عاطفته الوطنية الجياشة، مما دعاه للالتحاق بصفوف منظمة التحرير الفلسطينية بعد وصوله إلى ليبيا بعامٍ واحدٍ فقط.
التحق الأسير مقداد، ضمن صفوف حركة فتح بعدد من الدورات العسكرية، منها دورة مشاة وصاعقة، وكان دوماً يمني نفسه بالشهادة على أرض فلسطين المباركة، وقد اجتاز دورات عسكرية في مجا الدفاع الجوي بتفوق، مما أهله للالتحاق بدورة هندسة المتفجرات.
عاد مقداد إلى أرض الوطن ضمن صفوف السلطة الوطنية عقب توقيع اتفاق أوسلو عام 1994م، ليعمل في جهاز حرس الحدود بمنطقة بيت حانون وخان يونس ورفح، وفي عام 1996م، انتقل بالأمر العسكري للعمل في مدينة جنين، ثم جرى ترشيحه لدورة طبوغرافيا في لبنان (دورة في علوم المسير والمشي على الخرائط)، ثم انتقل ليعمل مرافقاً خاصاً لقائد منطقة بيت لحم، ثم المحافظ، ثم مديراً لأمن المحافظة.
كان الأسير مقداد من السباقين خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت عقب اقتحام شارون لباحات المسجد الأقصى المبارك، بالتصدي لاجتياحات الاحتلال العسكرية، ثم باشر تصنيع العبوات الناسفة وزراعتها على محاور المدينة بمساعدة بعض الصناديد الشرفاء، وقد عمل باسمه الحركي آنذاك (زاهر).
لشدة ما عرف عنه من سرية في العمل المقاوم، سأله جيش الاحتلال في أحد المرات عن زاهر بعد أن اقتحم بيته، فأجابهم بأنه لا يعرف عنه شيئاً، ليعود جنود الاحتلال أدراجهم خائبين بعد ان دققوا بطاقته الشخصية.
في الرابع من مارس عام 2002م، اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة بيت لحم، حيث كان المقاتلين على أهبة الاستعداد، وقد ارتقى ثمانية شهداء في اللحظة الأولى لاجتاح المنطقة، وبعد إحكام الحصار على المقاتلين الفلسطينيين هناك، طالب الأسير مقداد المقاتلين عبر صرخاته المدوية بالتوجه إلى كنيسة المهد في خطةٍ كانت وليدة أرض المعركة من أجل حماية رفاقه والحفاظ على حياتهم، وقد احتمى ما يزيد عن مائتين وخمسين شخصاً، بينهم نساء وأطفال وشيوخ بالبيت المقدّس، ليمتد حصارهم هناك لتسعة وثلاثين يوماً استهد خلالها ثمانية فلسطينيين وأصيب ستة وعشرين آخرين، في حين تم إبعاد ثلاثة عشر إلى خارج الوطن وستة وعشرين آخرين إلى قطاع غزة، وأطلق سراح البقية.
بقي مقداد في مدينة بيت لحم، مبعداً عن مدينة غزة قسراً، وقد عمل على توسيع هجماته وزيادة الضربات الموجعة للعدو الإسرائيلي بعد أن استعاد عافيته، وقد قام بالتنسيق مع كتائب شهداء الأقصى- مجموعات الشهيد أيمن جودة، ليتم إعداد قنبلة بشرية انفجرت في باص رقم 14 بمدينة القدس المحتلة، بواسطة الشهيد البطل علي منير جعارة، وقد أسفرت عن مقتل اثنى عشر إسرائيلياً وإصابة أكثر من ستين، ثم جرى إلحاق العملية البطولية بأخرى نفذها الشهيد البطل محمد زعل من قرية حوسان ببيت لحم.
أوشى أحد أذناب الاحتلال بالأسير مقداد لتتم محاصرة منزله من قبل قوات الاحتلال، ليتم اعتقاله في السادس من مارس 2004م، واقتياده إلى معسكر عتصيون ثم إلى سجن المسكوبية ثم سجن آيلون، حيث نظّم هناك إضراباً مفتوحاً عن الطعام، مما جعل قوات الاحتلال تعزله بسجن هدارين بحيفا المحتلة وتتخذ بحقه عديد من الإجراءات التعسفية منها منع الاتصال والتواصل ومنع النقود ومنع زيارة الأهل، وقد حُكِم بالسجن 21 مؤبداً وخمسة عشر عاماً، بدعوى انضمامه لتنظيم محظور والتخطيط لأعمال (عدائية) أسفرت عن مقتل إسرائيليين.
ومن الجدير بالذكر أن الأسير مقداد، فقد ثلاثة من أشقائه في ريعان شبابهم بسبب المرض، ثم والدته الحاجة أم طلعت مقداد مطلع مارس الماضي، والتي لم يرها منذ لحظات اعتقاله الأولى سوى مرةً واحدة قبل إحدى عشر عاماً، حين سمحت سلطات السجون الإسرائيلية بزيارته.