آخر الاخبار

خفة دم في بعض التسحيج

كتب عدلي صادق: انهمر شيء من التسحيج لعباس، بعد كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي التي تتكلف في كل سنة، ليس أقل من مليون دولار للسفر والإقامة الباهظة، للمرافقين الذين يذهبون ويعودون لمحض التصوير!
بعض التسحيج كان طريفاً. وهو على أية حال، مطلوب بتعليمات، وبعض البعض يجدد ولاءه تلقائياً، فتكابد مخيلاتهم لكي تجترح أوصافاً نورانية للمحنك، فيصبح في أغلب التعبيرات “رُبان” السفينة، دون أن يعلم المغردون أي عُباب تَمخُره هذه السفينة في إبحارها، وإلى أية وجهة سيصل “الرُبان” أو إلى أي المرافيء. ولعل مثل هذا التسحيج قد اصبح من طبائع حياتنا. فلدينا سلطتان، لا تعرف أي منهما إلى أي المرافي قد أبحرت، لكن التسحيج يجعل لها ربابنة.

بعض هذا البعض من المسحجين، يريد أن يجعل محض كلمة مكتوبة، تمثل إبحاراً، لا سيما إن التزم قارئها النَص الذي أمامه، ولم يرفع عينه عن الورق لكي يرتجل. ففي ارتجالاته تقع الزلات الغبية، مثلما فعل قبل سنة، عندما اختصر المطالب الوطنية بمجرد رغبة في أن يتساوى الفلسطينيون مع ذوات الأربع!

يضعُف إدراك الرجل مع التقدم في السن، ويذوي تالياً إحساسه بمقاصد الألفاظ، فيختلط عفو الخاطر من الكلام في الجلسات المغلقة، مع صحيح النصوص في الخطابات المكتوبة، فما بالنا إن كانت المهمة، تقتضي التنبه ـ كالربابنة ـ الى أعمدة الصواري وأشرعة السفن.

للإنصاف، إن عباس يستكثر على نفسه المبالغة في التسحيج، ويتشكك في مقاصدها، لأنه يعرف أوضاع سفينته المجردة من الأشرعة في ذروة العاصفة والنَوْء. لكنه لا يتطير من تقبل التسحيج، بحكم ما يدل عليه من وضاعة الموالي الكاذب. ولعل من حسن المصادفات أن أمره وقف عند مستوى “رُبان السفينة” ولم يتحول الى “رُبان غواصة” لأن هذه الأخيرة أدهى وأخطر!

في الكثير من مفارقات الكلام، يصبح الإفراط في المديح، مدعاة للتفكه، فترتسم اللقطة الطريفة. وكان عباس العقاد، في كتابه:”جُحا.. الضاحك المضحك” قد وصف كيفية ارتسام النكتة، فقال إنها تنجم عن خلل في القياس، وعن تلفيق متعمد لحقائق الأمور، بهدف الإضحاك!

أخبار ذات صلة