اكد ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، أن الانهيار المتسارع للهيمنة الصهيونية داخل الوعي الجمعي اليهودي العالمي يعكس تحوّلاً تاريخياً يتجاوز حدود المواقف السياسية ليطال بنية الرواية الاستعمارية نفسها. واضاف أن هذا التحول الأخلاقي والفكري الذي يتجلى بوضوح بين أبناء الجيل اليهودي الصاعد، هو انتصار لقيم الحرية والعدالة الإنسانية على إرث الإبادة والاقتلاع. وأشار إلى أن حرب الإبادة المستمرة على غزة قد لعبت دوراً محورياً في تسريع عملية تآكل الشرعية الأخلاقية المزيفة للمشروع الاستعماري الصهيوني، وكشف طبيعته الوحشية أمام أوسع شريحة من الوعي العالمي، بما في ذلك داخل الجاليات اليهودية نفسها.
وفي هذا السياق، قال دلياني: “تشير معطيات معهد السياسة اليهودية إلى أن 57% فقط من يهود بريطانيا في العشرينات من أعمارهم يعرّفون أنفسهم كصهاينة. هذه النسبة الكاشفة تعكس انهياراً مدوياً لمنظومة فكرية لطالما ربطت حماية الهوية اليهودية العالمية بمشاريع التطهير العرقي بحق شعبنا. إن بروز تجمعات يهودية مناهضة للصهيونية، من لندن إلى نيويورك ومن موسكو الى جوهانسبيرغ، يؤكد أن جذوة الضمير الإنساني أقوى من سطوة الدعاية السياسية، وأن مسار العدالة يستعيد مكانته في الوعي العام رغم عقود من التزييف.”
وأضاف القيادي الفتحاوي: “إن الذين يتشبثون بالقيم الإنسانية الأصيلة من شباب الجاليات اليهودية حول العالم، يعيدون صياغة علاقتهم بتاريخهم عبر القطيعة الواعية مع المشروع الصهيوني الاستعماري. وكما لم تصمد أنظمة القمع والإبادة والفصل العنصري أمام إرادة الشعوب، فإن المشروع الصهيوني، الذي انكشفت حقيقته أمام وعي الأجيال اليهودية الجديدة كمخطط استيطاني إبادى، يسير بخطى متسارعة نحو فقدان شرعيته الأخلاقية والوجودية داخل الوعي اليهودي العالمي.”
ويرى المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح أن هذا التحول يمثل اكثر ظاهرة اجتماعية بين الشباب اليهود حول العالم، بل يشكل محركاً سياسياً وأخلاقياً عميقاً، يفتح آفاقاً استراتيجية جديدة أمام مسيرة النضال الوطني الفلسطيني. فحين تبدأ الأكاذيب المؤسسة للمشروع الاستعماري الصهيوني بالتآكل من داخلها، يتحول انتصار العدالة من مجرد طموح نظري إلى استحقاق تاريخي تصنعه الإرادة الثابتة والزمن الحتمي، لا الأماني العابرة.