غزة: ضياء زكريا شاكر الأغا، 43 عاماً، إنه الأسير المُنتقم، منفّذ عملية اغتيال أحد ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين شاركوا بتنفيذ عملية اغتيال الكمالين والنجار، بمستوطنة جينيتال التابعة لمجمع غوش قطيف الاستيطاني، حيث استخدم في عمليته الفدائية التي أقامت الدُّنيا وما أقعدتها آنذاك، معولاً تحدثت عنه الصحف العبرية والعربية.
الفتى ضياء الأغا، ابن السادسة عشر ربيعاً، والشهير باسم ضياء الفالوجي، شبلٌ رضع الثورة وحب الأرض والوطن منذ نعومة أظفاره، تربى على إرث الشهداء والبطولة الذي دفعه لتنفيذ عمليته الانتقامية دفاعاً عن فلسطين وشهداءها البواسل.
ويعتبر الأسير الأغا (43 عاماً)، هو أقدم أسير فلسطيني من قطاع غزة في سجون الاحتلال، مما يجعله الوحيد من بين الأسرى القدامى الذين ما زالوا يتجرعون مرارة الأسر وظلم السجان، حيث قضى من سنوات عمره داخل المعتقلات الإسرائيلية، أكثر مما قضاه بين أهله وأحبته.
ومن الجدير بالذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تمكنت من اعتقال الأسير الأغا، بحسب ما أعلنته الصحف العبرية آنذاك، عقب تنفيذ عملية الاغتيال مباشرةً (في العاشر من أكتوبر 1992م)، حيث تعرض لأبشع أنواع التعذيب من قبل مخابرات الاحتلال التي استخدمت فيما بعد كل أشكال العقاب الجماعي بحقه وبحق عائلته، ولاسيما من خلال منعه من زيارة ذويه سنوات طوال.
وبحسب شهادة الحاجة أم ضياء، فإن الأسير الأغا، مكث تسعة أشهر في غرف التحقيق والعزل الانفرادي داخل معتقل للأسيرات لعدم وجود سجن مُخصص للأشبال، وبسبب أنه أصغر من أن يتم حكمه بالسجن المؤبد مدى الحياة.
وبعد أن أتم بطلنا السابعة عشر من عمره، أوقعت عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي، حكماً بالسجن تسعة وتسعين عاماً، ليُكمل حياته بعد ذلك من وراء قضبان العدو الغاشم، قاهراً السجان بعزيمته وثباته، حاله حال بقية الأسرى الفلسطينيين الذين ما زادتهم سنوات الاعتقال إلا ثباتاً وشموخاً.
أنهى الفالوجي، دراسته الجامعية من كلية التاريخ بجامعة القدس المفتوحة، وواضب على المشاركة في الدورات والورش التدريبية داخل زنازين الاحتلال، وقد حوّل علومه الجامعية، وكرّس طاقاته الوطنية من داخل السجن في سبيل خدمة زملائه الأسرى ورفع الروح المعنوية لديهم.
لم يعُد الأغا أسيراً داخل زنزانة فحسب، إنما هو أٌبٌ لكل الأسرى الجدد، وتلك هي شهادة العز والفخار التي تتباهي بها الحاجة أم ضياء، حيث تقول أنها تفرح كثيراً حينما تلتقي بأحد الأسرى المحررين ويقول لها أن نجلها هو أبٌ للأسرى جميعهم، ضياء يُعطي الأسرى مصروفاً ويصقلهم بالمعلومات الكافية وبالدعم المعنوي المناسب ليثبتهم في بداية اعتقالهم في وجه إدارة السجون الإسرائيلية، بل وفي حال انقضاء محكومية أحدهم، فهو يقدم لهم ما بوسعه من ملابس وغيرها كي يقابل ذويه بأبهى صورة لحظة تنسمه عبق الحرية.
ويُشار هنا، إلى أن الأسير الأغا، كان ضمن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، والذين كان من المقرر أن ينالوا حريتهم في أواخر مارس 2014م ضمن تفاهمات فلسطينية إسرائيلية برعاية أمريكية، إلا أن حكومة الاحتلال تنصلت من هذه التفاهمات ولم تلتزم بتطبيق ما تم الاتفاق عليه، ليبقى صامداً ثابتاً مرفوع الجبين، في انتظار حريته.