بقلم : تمارا حداد.
عادت الحرب المسعورة على قطاع غزة من قبل الاحتلال إضافة إلى استمرار اعطاء الضوء الأخضر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لاستئناف إطلاق النار وكان متوقعا هذا الاستئناف حتى لا يخرج جيش الاحتلال خاسرا بعد الهدنة الإنسانية وان امتدت فهي عبارة عن فترة لحظية لها هدفها وهي إخراج المحتجزين المدنيين الاسرائيليين الذين بحوزة المقاومة الفلسطينية ثم استمرار إطلاق النار حيث إشارت المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية الاسرائيلية إلى جهوزيتها لاستكمال القتال، لتنفيذ الأهداف التي وضعوها في اول الحرب وهي القضاء على حماس واذرعها ومواطنيها ومؤيديها ومن ثم التغيير الجغرافي والديمغرافي والامني والإداري لقطاع غزة بالإضافة إلى الهدف الأكبر إعادة خيار الحرب كورقة ضغط للإفراج عن باقي المحتجزين وبالتحديد العسكريين والجنود سواء في الاحتياط أو الجيش النظامي وبالتحديد أن اسرائيل غير معنية في تأجيل ملف الأسرى العسكريين وتريد إخراجهم بأثمان اقل وبالتحديد أن حماس والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تريد اثمان غالية أهمها تبييض السجون وإخراج الأسرى الفلسطينيين منها وفك الحصار الكلي عن القطاع ثم ادخال المساعدات الإنسانية دون شروط وايضا وقف إطلاق النار بشكل كلي وهذه الشروط بالنسبة لإسرائيل يصعب تحقيقها على أرض الواقع، حيث لا تريد إعادة صفقة شاليط وإخراج أسرى ما زالت تعتبرهم خطر وتهديد على الأمن القومي الاسرائيلي لذا كثير من الأسرى المحررين من صفقة شاليط تم إعادة اعتقالهم .
لجأت اسرائيل إلى خيار الحرب حيث خيارها الأولي وهي غير مقتنعة تماما بسياسة الهدنة الانسانية فلولا الضغط الأمريكي والمصري والقطري لما قبلت بالهدنة الإنسانية حيث كانت ترفضها كليا وبعد انتهاء الأسرى المدنيين وبدأ النقاش في ملف الأسرى العسكرين بدأت اسرائيل تتنصل من الهدنة حتى لا تدفع ثمنا غاليا جاء استئناف إطلاق النار من أجل الضغط على المقاومة لإخراج البقية بأقل الأثمان وشروط اقل .
كما أن العمليات الفردية التي حدثت في الضفة الغربية والقدس جعلت اسرائيل تتذرع باستمرار القتال بحجة إزالة الارهاب في كل مناطق الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة لذا تشهد الضفة الغربية مزيدا من الاقتحامات والاعتقالات والاغتيالات ضمن سياسية الضربات الاستباقية حتى لا تتطور الضفة الغربية إلى مشروع انتفاضة جماهيرية لذا تعمل على اقتلاع المقاومة جذريا ثم تحويلها إلى مناطق عسكرية مغلقة واستخدام القوة التدميرية لتركيع المواطنين وإرسال رسالة أنها المسيطر الفعلي الأمني على الضفة الغربية ورسالة أخرى هي انها تتغافل عن وجود السلطة الفلسطينية ككينونة سياسية حيث تسعى اسرائيل بأساليبها التدريجية نحو إنهاء وجودها من خلال فقدان الشارع الفلسطيني الثقة بها وايضا إنهاء صلاحياتها بشكل كلي عند اللحظة الحاسمة.
من المتوقع أن المرحلة الثانية من هذه المعركة ان تطول لاشهر رغم أن الجانب الأمريكي معني بانتهائها خلال شهر قبل الانتخابات التمهيدية في شهر كانون الثاني العام المقبل حيث أن الأصوات الانتخابية الشبابية بدأت تتجه نحو الحزب الجمهوري ونسبة ثمانين بالمئة من الشعب الأمريكي بدأ يطالب بوقف إطلاق النار وليس الهدن الإنسانية بسبب الجرائم البشرية بحق المدنيين ما أثر على الإدارة الأمريكية الحالية بالسلب أمام تغير وجهة المجتمع الدولي لصالح القضية الفلسطينية.
كما أن العملية الثانية ستطول بسبب أن المنطقة المستهدفة الحالية هي منطقة الجنوب وهي بحاجة لوقت طويل حتى يتم تنفيذ مهامها بالتحديد أنها منطقة مكتظة سكانيا بالتحديد منطقة خانيونس التي نزح إليها آلاف من المواطنين وحتى اللحظة لا قرار رسمي لإعادة النازحين إلى الشمال وهذا إشارة إلى استكمال مخططاتهم، فيما يتعلق حول بند التهجير ما زال قائما في سياق العقلية الاسرائيلية ولكن باتباع أسلوب التهجير الطوعي وفتح مكاتب دولية لإخراج الناس وتفريغ القطاع من المدنيين وتجريف اكبر عدد ممكن من الأراضي وتحويلها لمناطق أمنية عازلة ناهيك أن هناك مشاريع في الكونغرس تتعلق بقطع المساعدات الأمريكية لبعض الدول العربية من أجل فرض أمر واقع وقبول اللاجئين الفلسطينيين في دولهم .
كما أن الهدف الاخر من الحرب إطالة أمد وجود نتنياهو في الحلبة السياسية يعلم تماما أن نهايته اقتربت عند انتهاء الحرب لذا يطيل الحرب من اجل إبقاءه وابقاء حكومته الموسعة حيث أشار بن غفير وسموتريتش إلى أنهما سيحلان الحكومة إن لم يتم استئناف إطلاق النار حتى غالانت الذي جزء من الحكومة الحالية معني باستمرار القتال لإنقاذ الحكومة الحالية أمام تغير راي الشارع الإسرائيلي نحو المطالبة بتنحيهم والمطالبة بانتخابات مبكرة واختيار غانتس بديلا لنتنياهو .
كما أن الهدف الاخر نحو إطالة الحرب هو لاستنزاف المقاومة الفلسطينية تدريجيا ثم الضغط عليها لإخراج الرهائن الأسرى العسكريين وتخفيض السقف العالي التي تطالب به المقاومة الفلسطينية فيما يتعلق وقف إطلاق النار وتبييض السجون.
إن إسرائيل حسمت موقفها في إنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي منذ مجيء حكومة اليمين المتطرف حيث بدأوا بتغيير وجهة منطقة الشرق الأوسط من خلال تغيير الواقع في الضفة الغربية والقطاع حيث أن أهم نقطة لتغيير المنطقة هو إنهاء القضية الفلسطينية وتفريغ الأرض دون شعب.
لكن هل الشعب الفلسطيني سيقبل بمعادلة التغيير على حساب حقوقه الوطنية والسياسية؟ بالطبع لا، بعبارة أخرى لا يستطيع أحد حتى المجتمع الدولي الاستمرار في تجاهل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم القومية والسياسية والإنسانية المشروعة وانهاء الاحتلال الإسرائيلي ، فهل يتوقع المجتمع الدولي أن يبقى الجانب الفلسطيني خانعا. الحقيقة الساطعة أن الفلسطينيين لن يقبلوا باحتلال مستديم كما ان عامل الزمن سيعمل لصالح اعادة القضية الفلسطينية وتدويلها كما حصل بعد معركة طوفان الأقصى.
كل أزمات الصراع في العالم انتهت باتفاقيات سلام الا قضية فلسطين انتهت بسلام لصالح إسرائيل،لذا فإن الجيل الفلسطيني الجديد لم يشعر بأي أفق سياسي ما سيؤدي إلى استمرار حلبة العنف أمام تعنت اسرائيل لفتح عملية سياسية شاملة بوجود الحكومة الحالية المتطرفة التي خسرت صورتها العسكرية المتطرفة واهتزت سىرديتها أمام العالم لذا فإن محاولات القفز عن الحقوق الفلسطينية ما هي إلا قنبلة ازمة وجود ستنفجر باي لحظة بالتحديد أن عملية طوفان الأقصى جعل وجود الاحتلال على المحك.من هنا، استأنفت اسرائيل القتال لتعزيز وجودها وإثبات قدرتها العملياتية في القطاع والضفة الغربية لذا ستستخدم اشرس الوسائل لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.