اقرأ أيضاً

بيانات صحفية

قصة بطل..42 عاماً على استشهاد القائد رفيق السالمي

من قرية بشيت بفلسطين وبسبب العصابات الصهيونية، اضطر الشهيد البطل رفيق حسين السالمي لترك بيته، والفرار من الموت متوجهاً إلى شاطئ بحر غزة، وعاش أسوة بأبناء قريته في الخيام، وبعد فترة استبدلت وكالة الغوث الخيام بمعسكر من الطوب، مما أثار الظنون لدى الجميع أن الهجرة سوف تطول، ومرت الأيام توالت السنون، حيث عمت حالة البؤس والفقر والحرمان والأمل في العودة إلى الديار أصبح مُرتبطاً بامتلاك القوة العسكرية، وما أن فتحت السلطات المصرية باب التطوع لحرس الحدود لصد الاعتداءات الإسرائيلية عبر الحدود الشرقية، حتى تدفق الرجال للتطوع، وفي 19/12/1955، وُلد رفيق أحمد حسين السالمي، ليعيش معاناة أطفال اللجوء، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي أسوة بإخوانه في مدارس وكالة الغوث.

وفي سنة 1964، بدأ الحُلم الفلسطيني يتحقق بقيام منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة أحمد الشقيري، الذي حمل بُشري التجنيد الإجباري إلى الفلسطينيين في أماكن اللجوء، وتشكل جيش التحرير الفلسطيني، بقواته الثلاث، قوات حطين، والقادسية، وعين جالوت، واستبشر الفلسطينيون خيراً، وأصبح الأمل في التحرير والعودة إلى الوطن السليب قاب قوسين أو أدنى، وفي الخامس من يونيو 1967، قامت إسرائيل بعدوانها على الجبهات العربية الثلاث، وتحقق لها النصر، وأصبحت فلسطين بحدودها التاريخية تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومن قطاع غزة المُحتل انطلقت شرارة الثورة والمقاومة عندما آثر البعض من الجنود والضباط البقاء في القطاع للمقاومة عن المُغادرة عبر الحدود، حيث أصدر الضباط تعليماتهم للجنود بجمع السلاح والذخيرة وتخزينه في أماكن خاصة يسهل الوصول إليها.

تشكلت المجموعات الفدائية وبدأت مقاومتها للاحتلال بنصب الألغام في الطرقات الرملية والمُعبدة، وجرت الاشتباكات فتناثرت أشلاء الجنود الصهاينة على الجُدران، وانخرط المُدرسون وطُلاب المرحلة الثانوية في صفوف المقاومة جنباً إلى جنب مع عناصر قوات التحرير الشعبية، حتى آلت إليهم قيادة مجموعاتها، وتسابق الغلمان في مُرافقة الفدائيين يكتشفون لهم الطرقات، وبرز منهم رفيق أحمد السالمي، الذي جعلوا منه رسولا ينقل إليهم الأخبار والمعلومات ويساعدهم في نقل السلاح، كما ساعد مجموعات قوات التحرير الشعبية العاملة بمعسكر الشاطئ والتي قادها المناضل “عبد الحليم شهاب” الملقب بـ(المختار) وتم اعتقال الفدائي الفتي رفيق السالمي وهو في الـ15 من عمره عام 1970م.

وتعرض الفدائي الفتى لتعذيب جسدي ونفسي أكبر من طاقته، وحُكم عليه بالسجن عام ونصف أمضاها في سجن غزه المركزي، ثم خرج من السجن يحمل في نفسه حُب الفدائيين والعمل الفدائي، وعاد ليُكمل مشواره النضالي بعد ثلاثة شهور من خروجه من المعتقل ونظمَّ رفيق طفولته فايز بدوي ليعمل معه في قوات التحرير الشعبية، واشتركا سوياً في تنفيذ بعض العمليات البطولية، حتى جرى اعتقالهما، والحُكم عليهما بالسجن ثلاث سنوات ونصف، وفي السجن حصل رفيق السالمي على الثانوية العامة.

وفي سنة 1975، التحق رفيق السالمي بكلية التجارة بجامعة حلوان في مصر، وكان شقيقه خضر أحمد حسين السالمي الموجود للدراسة في مصر مُنتمياً لحركة فتح، وقام بتزكية شقيقه رفيق لقيادة الحركة في الساحة المصرية، ثم غادر مصر متوجها للأردن وكان أحد مقاتليها الذين غادروها الى سوريا، والعائدين مع طلائع السلطة الوطنية الى قطاع غزه عام 1994م.

وأما البطل رفيق السالمي والذي بدأ دوره القيادي في حركة “فتح” كان استجابة لرؤية القائد خليل الوزير “أبو جهاد” نائب القائد العام ومسئول القطاع الغربي في حركة فتح والمسؤول عن العمليات العسكرية داخل الوطن المحتل والذي أراد أن يعيد الاعتبار للمقاومة بعد حالة الترهل الثوري، وانخفاض العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال، حيث حاولت القيادة العسكرية الإسرائيلية إنشاء سلطات وروابط قرى تابعه للحُكم العسكري، فقد كان لزاما عليه أن يهتم بتنظيم وتدريب جيل جديد، وحينها صدرت التعليمات بتوجه رفيق السالمي إلى سوريا لتلقي دورة تدريبية عسكرية، والعمل تحت قيادة صبحي أبو كرش “أبو المنذر”، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” ومُساعده، الرائد ناهض الريس.

وبعد تلقيه الدورة التدريبية الخاصة، عاد من سوريا إلى القاهرة، حيث أخذ رفيق السالمي، في تجنيد وتدريب الشباب الراغبين في التطوع للعمل الفدائي في الأرض المحتلة بقطاع غزة. وكانت إحدى المهام الموكلة له هي إغلاق الباب امام محاولات الكيان الصهيوني إقامة سلطة حكم ذاتي بديله لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وفي مطلع شهر ديسمبر 1979، توجه رفيق السالمي، بصحبه إسماعيل أبو غرارة إلى العريش، وتم اعتماد المحطة الأولى فيها بطرف أبو (ح. ج)، وجرى اللقاء بالمناضل (ه. ت)، والذي وعد بتقديم كل ما يلزم لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة

وفي عشرين ديسمبر عام 1979، تمكن رفيق السالمي، وإسماعيل أبو غرارة، من اجتياز الحدود المصرية لإعادة هيكلة البناء التنظيمي في قطاع غزة، وبعد أن تمكنا من الدخول إلى رفح، توجها إلى غزة، ثم إلى جباليا والتقي رفيق مع رسمي عبيد، الذي كان يعرفه من السجن في سنة 1971، وطلب منه تشكيل خلية عسكرية ووعد بتزويدها بالسلاح.

وبعد أسبوع عاد إسماعيل أبو غرارة إلى العريش لمدة أسبوع، ثم عاد مُحملاً بما يلزم لشحن النقاط الميتة، وفي تلك الفترة تمكن رفيق السالمي من تنظيم بعض الشباب الذين سبق له التعرف عليهم في السجون الإسرائيلية سابقاً وهم: فايز كامل بدوي، سفيان الحداد، معين مسلم، رياض حلس، وبعد حوالي 3 شهور قامت الخلية بمهاجمة دورية عسكرية إسرائيلية في ساحة سيارات غزة أمام مُستشفى المعمداني بمدينة غزة.

وفي نيسان/ أبريل 1980، تمكنت القوات الإسرائيلية من اعتقال المجموعة سابقة الذكر، وحاتم أبو حليمة، شقيق رفيق من أمه، كما اعتُقل زكريا أبو اسليمة في الحادي عشر من يناير 1980م.

وفي تلك الفترة أقام رفيق السالمي له ملجأً في منزل خالته في حي الرمال بمدينة غزة، وبعد أن مكثا خمسة عشر يوماً في غزة عاد إسماعيل أبو غرارة إلى العريش، وبعد اسبوع من مُغادرة إسماعيل غزة، جرى اعتقال سُهيل السالمي، شقيق رفيق، فقرَّر رفيق السالمي التوجه إلى العريش، حيث ألقت مباحث أمن الدولة القبض عليه ثم سلمته إلى المجموعة 75 في القاهرة. المُكلفة بمُكافحة الإرهاب والتجسس، ومكث لديهم حوالي 20 يوماً، ثم أُفرج عنه وبقي لمدة شهر في القاهرة، وبعدها جرى ترحيله من قبل جهاز أمن الدولة إلى سوريا.

في مُنتصف عام 1980، عاد رفيق السالمي من سوريا إلى مصر، مزوداً بالتعليمات، وتوجه برفقة إسماعيل أبو غرارة إلى العريش من أجل الاستطلاع، واختلفا على توقيت اجتياز الحدود إلى غزة، حيث كانت تلك الليلة هي ليلة العيد، وكان أبو غرارة يرغب في الدخول في الليلة التالية بعد العيد، ولكن رفيق السالمي قد أصرَّ على الدخول في تلك الليلة، وتمكن من الدخول إلى غزة، بينما عاد إسماعيل إلى القاهرة، للقيام بترتيبات تم الاتفاق عليها.

وبعد وصوله إلى غزة، قام رفيق السالمي بتفعيل الخلايا النائمة، وهي الخلايا الطلابية الذين أنهوا دراستهم الجامعية وعادوا إلى غزة انتظاراً لتعليمات البدء في العمل الفدائي.

شكلَّ رفيق مجموعة الإمداد، والاتصال السريع، نتيجة قُرب المسافة وسهولة السفر من وإلى جمهورية مصر العربية. ثم أصدر تكليفاً إلى تلك الخلايا بمهاجمة الدوريات العسكرية الإسرائيلية بالقنابل اليدوية، والقيام بعمليات الرصد والمتابعة، وجمع المعلومات الاستخبارية عن الداخل الفلسطيني المحتل. وقد اشتدت ملاحقة المخابرات الإسرائيلية وعملائهم للقائد رفيق السالمي للقبض عليه حياً أو ميتاً؛ الأمر الذي فرض نفسه على القائد رفيق السالمي بتكثيف جهوده في القضاء على الخونة والجواسيس. بعد أن أجهض محاولات انشاء سلطة تابعه لقوات الاحتلال الصهيوني تكون عميله ومتواطئة مع الاحتلال في قطاع غزه تشابه ما يسمى بروابط القرى العميلة في الضفة الغربية.

وفي الخامس والعشرين من ديسمبر 1980م، حيث التقى القائد رفيق بإحدى الخلايا في غزة، وكان أحد عملاء الاحتلال قد تمكن من الوصول إلى القائد رفيق، ونال ثقته، وأصبح مسؤولاً لأحد الخلايا، وقد لحق بالقائد رفيق السالمي، ومعه البعض من اليهود المُستعربين، بسيارة من نوع مرسيدس تحمل أرقام سيارات غزة، ومعها سيارة اخرى من نوع بيجو وقد التفتا على القائد وأطلقوا رصاصهم صوب رأسه؛ حتى ارتقى مُعطراً بدمه الطاهر ثرى الوطن، وحامت روحه الطاهرة في سمائه.