اقرأ أيضاً

بيانات صحفية

من مفارقات الحرب

كتب عدلي صادق: مؤسسة الصناعات العسكرية الأوكرانية (أوكرو بورون بورم) هي أحد أهم المشتركات الروسية الأوكرانية. ففيها صناعة وترميم كل أنواع السلاح، بتقنية ومخططات هندسية روسية، وفنيات صناعية تطبيقية أوكرانية، تشمل جميع وسائل الحرب.

المتحاربون الآن يحافظون على بعض  هذه المشتركات على الرغم من القتال، لا سيما في مفاعل تشيرنوبل ومركز الصناعة العسكرية الأوكرانية، على مقربة من العاصمة كييف، وفي مطار “هوستوميل”.

أيقونة الصناعة الجوية المشتركة بين البلدين، هي طائرة أنتونوف 225 الأضخم في العالم (المسماة “مريا” بمعنى الحُلم).

الروس قصفوا “مريا” الليلة  الماضية،  ربما بسبب اسمها مثلما كتب وزير الخارجية الأوكراني “ديميترو كوليبا”. وأكد الرجل،ً على أن الروس لن يدمروا أحلام الأوكران.

أنتونوف 225 مريا، تعرضت لأضرار من الضربات الروسية على مطار “هوستوميل” وقالت المؤسسة المُصنّعة أن أعمال الترميم ستكلف أكثر من ثلاثة مليارات دولار، لذا فإن أوكرانيا ستطالب روسيا بالمبلغ، لمعالجة كسور أكبر حلقت في الأجواء، كانت وستظل تطير بست محركات وتهبط بثلاثين عَجلاً،  وبجناح طوله 290 قدمًا (88 متراً) وبمدى 15400 كم عند التحليق فارغة ونحو ثلث هذه المسافة  بعد التحميل.

هذه الطائرة حصراً، هي التي تنقل عربات “أوشكوش” الضخمة المحملة بصواريخ منظومة القبة الحديدية، من الولايات المتحدة إلى إسرائيل.

يتداخل الروس مع الأوكران في صناعة السلاح الذي يتقاتلون به. والأوكران يتداخلون من الأمريكان والغرب في السلاح الفردي الصاروخي، الذي يدافعون به عن سلاحهم الروسي الثقيل، وإسرائيل تتداخل مع روسياً وضدها، بالقدر الذي يحافظ على وئام الطرفين في سوريا، ويضمن مصالح إسرائيل، التي يفهمها العالم (حسب تعبير نفتالي بينيت) وما يستوجب مراعاة الروس، ونحن نتداخل مع أوهام كوننا على دفتر حسابات الأطراف كلها.

أما أنتونوف 225 مريا، فإنها عندما تُضرب، يتأذى الأوكران مادياً والروس معنوياً، لضرب هندستهم بأيديهم، وتخسر القبة الحديدة وسيلة نقلها، بعد أن خسرت فاعليتهاَ!

أجزاء المشهد الراهن، معطوفة على بعضها بعضاً، ومن يظن أن السياقات ذاهبة الى نظام دولي جديد وأقرب الى العدالة، يكون واهماً، أياً كان الطرف الغالب. ربما بحكم أن مظلوميتنا كانت وما تزال من الغرب، يهمنا كثيراً أن يجلد جامحٌ من الشرق مؤخرة الغرب، ويرده عن غطرسته. لكننا جربنا الجميع، وما علينا إلا أخذ الطريق الذي سلكته الأمم لكي تأخذ مكانها تحت الشمس.