كتب حسن عصفور:يوم 21 سبتمبر 2002، قدم الرئيس الأمريكي، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعمه السياسي العلني لمقترح بوش الابن يونيو 2002، المعروف بـ “حل الدولتين” وصولا لحل سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وبشكل مفاجئ، سربت وسائل إعلام عبرية أن رئيس “الحكومة الفاشية” يائير لابيد يؤيد “حل الدولتين”، ما فتح جبهة معارضة شملت كل مكونات دولة الكيان، سوى أقلية يهودية جدا من ميرتس وبعض بقايا حزب العمل، وفتحت النار من تحالفه الحكومي، وخاصة رئيسه السابق بينيت، ووزراء حكومته الحاليين، وطبعا الى جانبهم بن غافير، والفاشي الكبير نتنياهو، رغم انه سبق أن تحدث عن “حل الدولتين” في خطاب “بار إيلان” 2009 الشهير.
خرج الرئيس الأمريكي ومن منصة عالمية هي الأهم، ليتحدث عن “حل الدولتين”، دون أن يشير من هو الطرف الذي أعاق تطبيق المقترح الأمريكي طوال 22 عاما، وخاصة أن الطرف الفلسطيني استجاب في حينه لـ “شروط المخابرات الأمريكية” والإدارة الأمريكية بتقليص صلاحيات الخالد المؤسس وقام بتعديل النظام الأساسي لتعيين رئيس وزراء مختار بالاسم، ولاحقا تم إزالة العقبة الكبرى امام مشروعهم اغتيالا نوفمبر 2004.
خلال 18 عاما، كانت الإدارة الأمريكية طرفا مباشرا في تدمير المشروع الوطني الفلسطيني لصالح المشروع التهويدي، وقامت برعاية أول عملية انقسامية كيانية مهدت لانقلاب حزيراني لاحق 2007، من خلال فرض انتخابات غير قانونية لتتيح لحماس أن تخترق التكوين السياسي الوطني، ثم تفتح لها أبواب التمكين لتبدأ رحلة “فصل الكيانية الأولى” فوق أرض فلسطين.
عندما يخرج رئيس أمريكا ويعلن دعما لمشروعهم، فتلك هي “أم النكت السياسية”، فهو ليس رئيس لدولة لا حول لها ولا قوة، ولكنه صاحب المشروع بكامله، ودون أن يعلن مسؤولية معرقلين قيام دولة الى جانب دولة يطالب به…
وتنسيقا مع خطاب بايدن، يحاول رئيس الحكومة الفاشية لابيد، ان يشير الى استخدام الشعار، رغم كل ما حدث من “ضجيج عنصري” معارض لما تم تسريبه، لاعتبارات ليس تنفيذية، بل محاولة لتمرير “خداع متفق عليه” مع الإدارة الأمريكية لقطع الطريق على الرئيس عباس بالذهاب نحو الإعلان المرتقب.
وبعيدا، عن “الضجيج الكلامي” للرئيس الأمريكي ورئيس الحكومة الفاشية، فالفرصة باتت أكثر مناسبة للرئيس محمود عباس الإعلان من منصة الأمم المتحدة عن قيام “دولة فلسطين” فوق أرض فلسطين وفق حدود قرار 19/ 67 لعام 2012، يطالب الاعتراف بها تنفيذا لقرارها السابق، وتغيير طبيعة عضويتها من “دولة مراقب” الى دولة كاملة العضوية.
الحديث عن “حل الدولتين”..دولة قائمة معترف بها منذ 1948، رغم كل ما ارتكبت جرائم حرب وتطهير عرقي وتمارس أبشع أشكال العنصرية، والأخرى تقع أراضيها وفق “الشرعية الدولية”، وليس وفق “الحق التاريخي”، أو وفق أول قرار لتقسيم فلسطين، تحت احتلال الدولة الأخرى، رغم توقيع اتفاق سلام ينهي الصراع فتح الباب لاعتراف متبادل…قابله شركاء الحكم القائم وكل أعداء الدولة الفلسطينية باغتيال الاتفاق وموقعي الاتفاق.
ولذا، استنادا الى دعم الرئيس الأمريكي وغالبية أعضاء الأمم المتحدة، ومن اجل تطبيق عملي لـ “حل الدولتين”، على الرئيس محمود عباس أن يعلن قيام دولة فلسطين، تفتح الباب فورا لمفاوضات نحو انهاء الصراع العربي – الإسرائيلي تحت رعاية الأمم المتحدة، من أجل سلام شامل بديلا لمواجهة شاملة…فأمن دولة الكيان يبدأ من فلسطين، ولا أمن لها ولن يكون دون فلسطين.
يوم 23 سبتمبر 2022 سيكون يوم “فصل سياسي” بين مرحلة ومرحلة…وخاصة بعد التمهيد العالمي حول الحق الفلسطيني..فصل الذهاب من تبعية مذلة طال زمنها الى خلاص وطني طال انتظاره.
يوم 23 سبتمبر 2022، إما أن يكون فك ارتباط عن دولة الكيان واحتلالها، او فك ارتباط بالقضية الوطنية…الخيار – القرار بيد الرئيس محمود عباس ولا غيره.
الفرصة السياسية الراهنة قد تكون الأهم توقيتا لإعلان قيام دولة فلسطين، لا يجب أن تذهب تحت منح “فرصة لوهم مضاف”، وتكرارا “من يجرب المجرب عقله مخرب”.
ملاحظة: شركة مارفل العالمية كشفت عن شخصية ستلعب دور بطلة خارقة إسرائيلية ستظهر في فيلم “كابتن أمريكا” القادم باسم “صبرا”…قرار الشركة فتح نار بعض الفلسطينيين لاختيار إسرائيلية وباسم مرتبط بمجزرة مرت ذكراها قبل أيام…الملفت انه لا الرسمية الفلسطينية حكت ولا “فصائل البرم” تكلمت…يا بختك يا “مارفل” بهيك مكونات!
تنويه خاص: النجم الأول سياسيا لأيام الجمعية العامة كان أصغر رؤساء العالم، التشيلي غابرييل بوريك…شرح قضية الإرهاب الاحتلالي والحق الفلسطيني كما يليق بثائر…يا غابي كم رجعت الذاكرة لأيام “الثنائي” كاسترو وجيفارا وقبضة الحرية والتحدي..سلاما لمن لا زال يحمل جين الثورة!