يصادف اليوم الشبت، الثامن من تموز، الذكرى الـ51 لاستشهاد الكاتب والمفكر والأديب الفلسطيني غسان كنفاني، بعد تفجير سيارته عام 1972 في منطقة الحازمية قرب العاصمة اللبنانية بيروت، واستشهدت برفقته ابنة شقيقته فايزة، لميس حسين نجم (17 عامًا).
السيرة الذاتية:
روائي وسياسي فلسطيني، يعتبر من أهم أدباء القرن العشرين العرب. وُلد في عكا، شمال فلسطين في 1936 وأُجبر على النزوح مع عائلته عام 1948 إلى لبنان ثم إلى سوريا،
رحل غسان من يافا إلى عكا، حيث أقامت عائلته في بيت جد أمه، وكان 25 نيسان 1948 يوم الهجوم الكبير على عكا من العصابات الصهيونية، وفي 29 نيسان 1948، لجأت عائلة غسان مع سبع عائلات أخرى إلى “صيدا” و”الصالحية” و”المية مية”، إلى أن استقر بهم المقام عند أقرب قرية للعودة إلى فلسطين، قرية الغازية أقصى جنوب لبنان.
وفي الثامن من حزيران 1948، انتقلت العائلة الى دمشق، ثم الزبداني، وفي 19 تشرين أول 1948 عادوا لدمشق وأقاموا في حي الميدان، حتى عام 1952، قبل أن ينتقلوا لحي الشويكة، حتى عام 1956 حيث انتقلوا لبيتهم الأخير، ثم انتقل للكويت ومنها إلى لبنان.
إنجازات غسان كنفاني
انتقل كنفاني إلى بيروت عام 1960، فقد وجد فيها مجالًا أدبيًا رحبًا. وبدأ العمل في مجلة “الحرية”، كما كان يكتب مقالًا أسبوعيًا لجريدة المحرر البيروتية، ولفتت مقالاته النظر إليه بعمقها، وأشاعت الحماس تجاه القضية الفلسطينية، كما أصبح كنفاني مرجعًا لكل المهتمين والمناصرين لهذه القضية.
كتابات كنفاني كانت من الناس وإليهم، فغاص في أعماق الإنسان الفلسطيني بعد النكبة والنكسة وما قبلهما، كما تنبأ بالقادم، وأخرجه بإبداع ريشة الفنان ومهارة الكاتب. ففي روايته “عائد إلى حيفا” عام 1970، استذكر ما رواه مواطنو حيفا عن رحلتهم نحو عكا. وكان لا بد من أن تترك رحلته الخاصة نحو بلد اللجوء تأثيرها على غسان، فقد حضرت ذكرياته تلك في روايته “أرض البرتقال الحزين” عام 1963.
كان كنفاني كتلةً من النشاط، فقد فاقت ساعات عمله العشر ساعات يوميًا على الأقل. وقد ظهرت بوادر مرض السكري والنقرس في عمرٍ مبكرٍ عليه. كان ذلك يُدخله المشفى أيامًا، لكن حتى من على سرير المرض، تأمل عقله كل ما حوله، وأبى إلا أن يخرج منه بتجربة فكتب رواية “موت سرير رقم 12” عام 1963.
شعر كنفاني بضياع الفلسطينين قبل غيره بكثير، وبتحول قضيتهم إلى قضية حياةٍ يومية أصبح الفلسطينيون يعيشونها تحت سطح لقمة العيش عوضًا عن العمق الذي أودى بهم نحو هذا السطح، فأطر ذلك القضية الأساسية.
عاد كنفاني إلى دمشق قادمًا من الكويت في شاحنةٍ قديمة، وكان للصحراء التي عبرها تأثيرها الكبير عليه، وهو واحد من بين شعب بأكمله كُتب عليه سِفر الضياع هذا، عكس ذلك في روايته “رجال تحت الشمس” عام 1963. الرواية التي أصبحت فيلمًا سينمائيًا حمل عنوان “المخدوعين”.
عرف غسان أن لامناص من الكفاح، وأن لا برّ للفلسطينين سوى سواعدهم. فألحق رواية “رجال تحت الشمس” برواية “ما تبقى لكم”. ونرى فكر كنفاني واضحًا صريحًا ناضجًا بالفكرة في روايته “عالم ليس لنا” عام 1965.
وللأم الفلسطينية مكانةٌ عند كنفاني فهي “التي تقف الآن تحت سقف البؤس الواطئ في الصف العالي من المعركة” كما جاء في روايته “أم سعد” عام 1969.
ومن روايات كنفاني الأخرى”الشيء الآخر” التي صدرت في بيروت بعد استشهاده، و”القنديل الصغير”.
وللمسرح حضورٌ قوي في أدب كنفاني، ومن أهم مسرحياته “الباب” و”القبعة والنبي” و”جسر إلى الأبد”.
كتب كنفاني العديد من البحوث الأدبية، معظمها على ارتباطٍ وثيق بالقضية الفلسطينية، فهو أول من كتب عن شعراء فلسطين، وصدرت كتاباته في كتاب له حمل عنوان “شعراء الأرض المحتلة” كما أنه أول من كتب عن الأدب الصهيوني عن كثب. وله مقالاتٌ كثيرة سواء باسمه الحقيقي أو تحت أسماء مستعارة منشورة في العديد من الصحف والمجلات.
لكنفاني روايات لم تكتمل منها “الأعمى” و”الأطرش” و”العاشق” و”برقوق نيسان”.
نال كنفاني جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان، عن روايته “ما تبقى لكم” وذلك عام 1966. أما ما تبقى من جوائز، فقد مُنحت لاسمه بعد استشهاده، وأهمها جائزة منظمة الصحافة العالمية عام 1 1974، وجائزة اللوتس عام 1975. كما مُنح وسام القدس عام 1990.
انتقلت روايته عائد إلى حيفا إلى الشاشة الصغيرة عبر مسلسل سوري أخرجه باسل الخطيب.
أبرز مقولاته:
إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية ..فالاجدر بنا أن نغير المدافعين .. لا أن نغير القضية
لك شيء في هذا العالم .. فقم.
إن الصمت هو صراخ من النوع نفسه … أكثر همقاً وأكثر لياقة بكرامة الانسان
رحيله:
استشهد كنفاني يوم 8 تموز/ يوليو عام 1972 ، بانفجار سيارة فخخها عملاء إسرائيلون في بيروت، لبنان. وكانت بصحبته ابنة أخته لميس نجم التي لم تتجاوز في ذلك العام عمر ال17.
ورغم حياته القصيرة، لكنه أصدر أكثر من 18 كتابًا، وعدد لا يحصى من المقالات. إضافة إلى إرثٍ روائيٍّ غير مكتمل.