آخر الاخبار

دلياني: “إغراق ترامب للفضاء السياسي بطروحات غير قابلة للتطبيق هدفه تحويل الجريمة إلى أمر قابل للنقاش”

قال ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى إلى فرض واقع استعماري جديد من خلال مخطط لإضفاء الشرعية على التطهير العرقي عبر التلاعب بالسرديات السياسية. وإن طرحه لمستقبل غزة ليس مجرد عبث دبلوماسي، بل عملية تضليل استراتيجي تهدف إلى جرّ العالم إلى نقاش جريمة بدلاً من رفضها بشكل قاطع. مضيفاً انه عبر تكرار الحديث عن التهجير القسري والوصاية الأجنبية كخيارات “مطروحة”، يسعى هذا المخطط إلى تقويض الأسس الأخلاقية والقانونية التي تحكم النظام الدولي، وخلق بيئة سياسية تُحوَّل فيها جرائم الحرب إلى “رؤى سياسية” قابلة للنقاش.

القيادي الفتحاوي يفضح جوهر هذا المخطط قائلاً: “بدلاً من الاعتراف بحق اللاجئين غير القابل للتصرف في العودة إلى ديارنا التي اقتُلعنا منها قسراً خلال النكبة بحسب القرار الأممي 194، يسعى هذا الطرح إلى نفي شعبنا تحت ستار ما يسمى “حل”. هذه ليست مبادرة سياسية، بل مخطط لإعادة برمجة الوعي العام عبر الإغراق الإعلامي، بحيث تصبح الجرائم المستحيلة التنفيذ قضايا للنقاش، وتتحول الفظائع إلى سيناريوهات تبدو وكأنها موضع بحث بدلاً من أن تكون موضع إدانة قاطعة.”

إن المشهد على الأرض يفضح حجم هذا التضليل. فغزة، التي تعاني من الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة، تواجه اليوم حملة سياسية مسمومة تهدف إلى جعل وجودنا ذاته قضية “قابلة للنقاش”. أكثر من 48,000 شهيد، غالبيتهم من النساء والأطفال، ارتقوا تحت نيران آلة الحرب الإسرائيلية. أحياءٌ بأكملها سُوّيت بالأرض، مستشفيات تحولت إلى أنقاض، ومجتمع كامل يواجه الإبادة تحت أنظار العالم. لكن ما هو أخطر من الدمار المادي هو هذه الحرب الممنهجة على الحقيقة نفسها، حيث يُعاد توصيف جرائم الحرب على أنها “إعادة إعمار”، ويُغلف التطهير العرقي بمصطلحات خادعة مثل “الاستقرار الإقليمي”.

“طرح ترامب الأخير ليس مجرد هذيان سياسي، بل هو اعتداء سافر على الحقيقة والواقع،” يحذر دلياني. “محاولة محو الوجود الفلسطيني من غزة ليست نزوة طارئة، بل جزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى تحويل جرائم الحرب إلى سياسات دولة. حقوق شعبنا الفلسطيني ليست محل نقاش أو مساومة، بل هي حقائق ثابتة ومتجذرة في التاريخ والقانون الدولي، لا يمكن لأي آلة عسكرية أو ضغوط سياسية أو تلاعب إعلامي أن تمحوها.”

أما الحديث عن تحويل غزة إلى “ريفييرا متوسطية”، بينما يُقتلع شعبنا من جذوره، فهو ليس إلا تعبيرًا وقحًا عن عقلية استعمارية متغطرسة. إنه امتداد لمنطق الاحتلال ذاته، الذي يشرعن التهجير الجماعي ويعيد تصدير المعاناة كـ”مشروع تطوير”. هذا استمرار فجّ للمشروع الاستعماري القائم على نفي الآخر وإعادة تشكيل الجغرافيا وفقاً لمصالح الاحتلال.

دلياني يعرّي الأساليب المستخدمة في هذا المخطط: *”هذه لعبة خادعة تهدف إلى إغراق المشهد السياسي بسيلٍ من الطروحات المضللة، بحيث يجد العالم نفسه منهمكًا في تفنيد الأكاذيب بدلاً من رفضها من الأساس. لكن ليكن الأمر واضحًا: لا وجود لأي “واقع جديد” هنا، بل هو مجرد إعادة تدوير لنفس المشروع الاستعماري الوحشي الذي قاومه شعبنا لعقود.”

المحاولة لفرض مستقبل غزة يشكل هجومًا على هويتنا الوطنية وانتهاك سافر للقانون الدولي. الدول العربية أكدت بشكل قاطع رفضها لأي مشروع تهجير قسري، ومع ذلك، يواصل ترامب ونتنياهو الترويج لسردية مزيفة توحي بأن هناك “محادثات” حول الموضوع، بينما الحقيقة هي أن هذا الطرح مرفوض بالكامل. هذا نموذج جلي للإرهاب السياسي المستند إلى الخداع والتلاعب بالرأي العام.

أخبار ذات صلة