وسيم وني
كل نتيجة ولها مقدمات وشواهد ودلالات تؤدي إليها ، يراها المبصرون وينكرها الجاهلون والمغيبون ومن ختم الله على قلوبهم كمثل بني صهيون ، بعد مئة سنة على وعد بلفور المشؤوم القدس حسب قرارهم الباطل عاصمة لكيان اسرائيل بأوامر أمريكية من لا يملك أعطى لمن لا يستحق وهذه نتيجة منطقية وهو حاصل جمع دقيق للخيانة والانبطاح الأمريكي لاسرائيل التي تسرح وتمرح بإرهابها في المنطقة، القدس عاصمة لكيان اسرائيل وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين أسيراً ومدنساَ تحت أقدام قتلة الأنبياء ولكن محال أن يبقى القدس أسيراً بين يدي شراذمة العصر وستبقى القدس عاصمة أبدية لفلسطين شاء من شاء وأبى من أبى.
نظرة سريعة لما تمر به المدينة المقدسة قبل و بعد قرار ترامب :
بالعودة للتاريخ ، فإن هذا القرار ليس بجديد، ففي الثلاثين من يوليو من عام 1980، قام الكنيست الإسرائيلي بإصدار ” قانون القدس “Jerusalem Law ” يقضي بضم شرقي القدس إلى إسرائيل وإعلان مدينة القدس العربية عاصمة مُوحّدة وأبدية للكيان الصهيوني، وقد قُوبل هذا القانون كما هو سالف الذكر بقرارات مضادة من مجلس الأمن، إلا أن الولايات المتحدة قررت عام 1995 مُمثلة في الكونجرس، الإعتراف بالقانون الإسرائيلي من خلال إصدار تشريع سفارة القدس “Jerusalem Embassy Act of 1995 ” والذي يسمح لها أيضا بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، ولكن تم إدراج بند يسمح للرئيس الأمريكي بتأجيل تنفيذ القرار كل 6 أشهر، ومنذ ذلك الحين، كان رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبين يستخدمون هذا القرار كورقة ضغط ضد الدول العربية والإسلامية إلى أن تم تنفيذه رسميا من قبل الرئيس دونالد ترامب .
وفي الأونة الأخيرة وصل الاحتلال في عدوانه إلى مستويات قياسية سواء على الصعيد الديني أو الحضاري أو السكاني أما عن واقع القدس بعد قرار ترامب المشوؤم فأود الإشارة أولاً أن الوضع القانوني لمدينة القدس هو كونها مدينة محتلة من قبل الصهاينة وذلك ضمن قرارات هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وسأذكر القرار الصادر عام 1971 والذي جاء فيه: ” إن كل الإجراءات التشريعية والدستورية والتي تتخذها اسرائيل لتغيير معالم القدس والتي منها مصادرة أملاك الأهالي وتهجير السكان وقرارت ضم الجزء المحتل لكيان اسرائيل كل ذلك غير قانوني ولا يمكن أن يغير من وضع المدينة ” ، هذا ما اتفقت عليه حينها دول العالم ومنها الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن سيطرة الدول التي زرعت هذا السرطان اللعين في جسم أمتنا فجعلت القوة هي صاحبة القرار وسيدة الموقف ولها الحق في تجاوز ما تم الاتقاق عليه العالم من قوانين ، وهذا ما شكل مسوغاً لخروج ترامب علينا بهذا القرار .
القدس ماذا بعد :
إن من أولى وأسوء النتائج المترتبة على هذا القرار وهو قيام الكنيست الاسرائيلي باعتماد ما يسمى ” القدس الموحدة ” والذي تم عرضه على الكنيست بالأشهر الماضية وهذا القانون يقضي بفرض السيادة الصهيونية على كامل المدينة بشقيها الشرقي والغربي وهذا القانون سيترتب عليه نتائج كارثية في حال اقراره على وضع المدينة وسكانها والقضية الفلسطينية برمتها ومنطقتنا العربية .
أما ثانيا فعلى الرغم من تصريح بعض الدول برفضها للقرار والمظاهرات الغاضبة التي تخرج باستمرار رافضة هذا القرار والتحالفات القائمة في العالم والضغوط التي تمارسها الولايات والمتحدة والأذرع الشيطانية لإسرائيل في العالم على الصعيد الدبلوماسي سيؤدي إلى لحاق الكثر من هذه الدول بالنهج الأميريكي وفي حال تم ذلك فسيوضع شعبنا في فلسطين وشعوبينا العربية والإسلامية أمام المواجهة الشاملة مع كيان الاحتلال لإنقاذ القدس من تدنيس الاحتلال .
العزلة الدولية للولايات المتحدة وإصرارها على القرار :
منذ إعلان ترامب قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبار القدس عاصمة لكيان اسرائيل والولايات المتحدة الأميريكة كأنها فرضت على نفسها العيش في عزلة دولية لا سابق لها ، والدليل على ذلك بتصويت كافة أعضاء مجلس الأمن بأكثرية ساحقة طبعاً ماعدى العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة وسبعة دول الذين ضربو بعرض الحائط كل القوانين الانسانية والأخلاقية في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة وطبعاً هذا الغطرسة الأمريكية ترافقت باحتجاجات عارمة غصت بها دول العالم تطالب فيها بمعاقبة ترامب لارتكابه جريمية سياسية استفزت العالم أجمع .
وإن ما يعزز هذا التقدير إمعان السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون في سياسة التمرد على الأمم المتحدة وقراراتها حين قال: «ليس هناك أي تصويت أو نقاش يمكن أن يغيّر واقع أن القدس كانت وستظل عاصمة إسرائيل». وسنواصل الكفاح مع حلفائنا من أجل الحقيقة التاريخية»، كما أكد الرئيس ترامب تمسكه بالقرار أثناء حضوره احتفال العيد اليهودي، وتبنى الرواية التوراتية الدينية عن ظهر قلب وبحماسة منقطعة النظير .
وإذا كان الرفض العالمي والعزلة التي تتعرض لها إدارة ترامب جراء قرارها الجائر بحق المدينة المقدسة ، لن يفرض عليها التراجع، فهل ستتعايش الإدارة الأمريكية مع الرفض، وتحول قرارها الى أمر واقع بالاستناد الى دوائر من الحلفاء والاتباع في ظل ما يجري اليوم من الهيمنة الأمريكية على الأمم المتحدة، وفرض موقف الأقلية، اي ديكتاتورية الأقلية التي تتزعمها الولايات المتحدة، والتي كانت مسؤولة عن بقاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، وتحصيل حاصل مسؤولة عن إفشال الحل السياسي الذي يستند لقرارات الشرعية والقانون الدولي، فضلا عن مسؤوليتها عن سياسة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في إفقار الشعوب والدول ونشر الفوضى في الدول العربية لينعم طفها المدلل اسرائيل بالأمن والأمان .
وأخيراً لعل هذا القرار الجائر بتهويد المدينة المقدسة قد فجر انتفاضة عارمة تعم الأراضي الفلسطينية والعربية والاسلامية في ظل حالة الضياع التي نشرتها اسرائيل وأدواتها في منطفتنا وإن هذا ” الفيتو ” الأمريكي هو تأكيد إضافي على العداء الأزلي للعرب والمسلمين والانحياز الكامل لاسرائيل لربما جاء هذا القرار في صالح قضيتنا الفلسطينية ” قد يأتي الخير من شر ” ، فقد وحد هذا القرار الشعوب العربية والاسلامية في انتفاضات شعبية غطت الدول العربية والاسلامية وإن خسارة اسرائيل وأميريكا قد بدأت وستكون مكلفة وباهظة جداُ … والأيام بيننا وإن قرار ترامب لا يغير شيء بصراعنا مع هذا الكيان الغاصب وهاهي القدس تعزل الولايات المتحدة دولياً وتفرض نفسها على العالم .