آخر الاخبار

فريق عباس

كتب:

خابرني أحد أعضاء ما يسمى مجلس الأمناء الجديد لجامعة “الاستقلال” في أريحا، وقال لي ما معناه أنهم عندما صدقوا أنفسهم، وتخيلوا أن بدء الإصلاح الدستوري والإداري قد بدأ مع تسميتهم للمهمة الجديدة، انطلاقاً من أريحا تحديداً ثم الاتجاه غرباً؛ جمعوا أنفسهم وتوجهوا لنيل المباركة من فخامة الرئيس المحنك.

استطرد صاحبي قائلاً: ذهبنا على أمل أن نتلقى من فخامة الرئيس الخطوط الاستراتيجية العريضة وبعض التعليمات، لكن فخامته استقبلنا كمن نسي الموضوع، ولم يتحملنا أكثر من دقيقة ونصف الدقيقة، وقال لنا “يلا انت هو، مع السلامة، كل واحد في حال سبيله”!

الصاحب الذي اتصل بي آمناً على نفسه، لأنه من الضفة ولن تحوم حوله الشكوك، قال لي: “فخامته يعتبر المهمة انتهت بمجرد إزاحة الطيراوي، وما الذي يهمه بعدئذٍ سوى تقبل الاقتراحات بخصوص الخطوة التالية..”.

قلت لصاحبي الله يعطيكم العافية.. انتم الرهط الكريم الذي سيُحيّر المؤرخين وعلماء الاجتماع. فالعباقرة مثلكم الذين يصلحون لكل شيء، لا تنساهم الأجيال. فأنا مثلاً، لا أنسى المرحوم أبو حسني. فقد كنت طفلاً عندما كان الرجل أحد أبرز معالم الطريق، أثناء عودتي في الظهيرة من مدرسة أحمد عبد العزيز الابتدائية.

ففي محاذاة جدار مقبرة خان يونس القديمة، ينصب الرجل كرسي الحلاقة الخشبي، ويُعلق مرآته الصغيرة بمسمار بين حجرين من الجدار. فأبو حسني يؤدي صباحاً واجبات متنوعة وأخرى متنوعة في المساء: حلاقة الشعر على الزيرو بلا تدرجات، ولا ترف لتوضيب الشعر بالمقص. خلع الأسنان دون دلع التبنيج الذي لا يعترف أبو حسني بضرورته. مداواة بوادر القرع بمادة صفراء مطهرة وكذلك الجَرَب. ثم كتابة الرٌقية الدينية على الصدغ، بقلم “الكوبيا” لمعالجة التهاب الغدة النكفية. كذلك وقف القيح، بقطرة العين في الأذن، مع زطمها ببعض القطن.

لكن المهمة الرفيعة التي يتولاها أبو حسني مساءً في البيوت التي تستقبله زائراً عزيزاً؛ هي ختان الأولاد، الذي يسمونه “الطهور”. فبعد القص وربط اللفافة الصغيرة، يوصي كالطيب النطاس، بالتزام ارتداء الجلابيب، والتلامس مع ماء البحر!

فريق عباس الذي ينفع لكل شيء، هو بمثابة أبو حسني مُكرر، بل أبو حسني في العديد من تجلياته.. أبو حسني الذي يحلق بغير حلاقة، ويطبب بغير طبابة، ويخلع الأسنان بغير تسكين، ويكشط الجلدة في الطهور ويسلمنا للبحر!

أخبار ذات صلة